"هيئة التراث" تستعرض تنفيذ الخطة الحقلية لمسح المواقع المغمورة بمياه البحر الأحمر

يبدأ من أملج إلى رأس الشيخ حميد.. ويستمر المشروع حتى 5 سبتمبر المقبل
المؤتمر الصحفي يعرف بالتراث الثقافي المغمور بالمياه
المؤتمر الصحفي يعرف بالتراث الثقافي المغمور بالمياه
تم النشر في

نظَّمت هيئة التراث أمس الاثنين مؤتمرًا صحفيًّا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" في مركز ثول بجدة؛ للحديث عن "تنفيذ الخطة الحقلية لمسح التراث المغمور في البحر الأحمر"، بالشراكة مع جامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة نابولي الإيطالية، وباستضافة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست"، وكشفت خلاله عن مشروع "مسح مواقع التراث المغمور بمياه البحر الأحمر من أملج إلى رأس الشيخ حميد".

وفي التفاصيل، قال الرئيس التنفيذي لهيئة التراث، د. جاسر بن سليمان الحربش، خلال المؤتمر الصحفي: "إن لقاءنا اليوم يأتي ضمن سياسة الهيئة في إطلاع وسائل الإعلام، والمجتمع المحلي، والمهتمين بالقطاع التراثي على مواقع التراث الثقافي، والأعمال والجهود التي تقوم بها بالشراكة مع المؤسسات العلمية والمنظمات الدولية؛ لاكتشاف هذه المواقع، ومشاركة نتائج المسوحات الأثرية التي تجريها الفرق العلمية في الهيئة والجهات المتعاونة معها". مؤكدًا أن المؤتمر سيُعرِّف بتراث ثقافي لا يقل أهمية عن المواقع على اليابسة، وهو التراث الثقافي المغمور بالمياه في البحر الأحمر.

وأضاف "الحربش": "لقد جاء هذا المؤتمر بعد أن حققت الهيئة إنجازات مهمة خلال الفترة الماضية من حيث الاهتمام بالتراث الثقافي المغمور بالمياه، منها: العمل على تأسيس مركز متخصص لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في البحر الأحمر والخليج العربي، والتعاون العلمي مع عدد من الجامعات المحلية والدولية، من بينها التعاون الحالي مع جامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة نابولي الإيطالية؛ لاكتشاف مواقع التراث المغمور بالمياه، وكذلك بناء القدرات في مجال التراث الثقافي المغمور بالمياه عبر تطوير الكوادر الوطنية في مجال الغوص الأثري، إضافة إلى مشاركة الهيئة في عدد من البرامج المحلية والدولية للمحافظة على التراث المغمور بالمياه".

وأكد أن مياه البحر الأحمر والخليج العربي ما زالت تحتضن الكثير من الأسرار عن تراث السعودية الثقافي، ومن المؤمل أن يسهم المركز في اكتشاف هذه الأسرار والتعريف بها.

من جانبها، عبَّرت الدكتورة نجاح عشري، النائب والمشارك الأعلى لرئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية للتقدم الوطني الاستراتيجي، عن سعادتها وترحيب الجامعة باستضافة هذا الحدث، مؤكدة أن كاوست عبر مركز أبحاث البحر الأحمر تفتح أبوابها ومختبراتها ومعاملها وغواصاتها البحرية لكل ما يخدم الأبحاث العلمية في السعودية.

وقالت "عشري": "إن اكتشاف التراث المغمور في مياه البحر الأحمر يعدُّ مثالاً ممتازًا لما يمكن تحقيقه من خلال التعاون مع الجامعات السعودية والقطاعات الحكومية في السعودية. ونحن في مختبرات كاوست الأساسية نستكشف أسرار البحر الأحمر باستخدام التقنيات البحرية المتقدمة، ونبني القدرات المتقدمة مع شركائنا، وذلك ضمن الجهود الكبيرة التي تساهم بها كاوست وبنيتها التحتية البحثية في دعم رؤية السعودية 2030 التي تركز في جوهرها على تطويع التقنية لخدمة الإنسان".

وأشارت الهيئة إلى أن المشروع الذي بدأ في 13 يوليو الماضي، ويستمر حتى 5 سبتمبر المقبل، يأتي بالتعاون جامعة الملك عبدالعزيز، ومشاركة فريق إيطالي من جامعة نابولي، وسيتم خلاله مسح المنطقة الواقعة بين رأس الشيخ حميد وحطام السفينة الغارقة في أملج، ورصد أكثر من 25 موقعًا محددًا على طول مسار المسح في مناطق: رأس الشيخ حميد، ضبا، الوجه وأملج.

واستعرضت هيئة التراث منهجية المشروع التي تتبعها؛ لتضمن الحصول على نتائج مميزة، وذلك من خلال تنفيذ مسح بحري للمواقع التي تحتوي على معالم أثرية مغمورة بالمياه مستخدمة خلاله السونار البحري، التي سينتج منها خرائط بحرية، وخرائط الموزاييك، وصور عالية الدقة لجميع المواقع. وستُجمع وتُحلل بيانات المسح البحري باستخدام أنواع عدة من السونار، وكل نوع له وظيفة، مثل السونار البحري متعدد الموجات، وأجهزة المسح الجانبي، وأجهزة التحكم عن بُعد للأعماق التي تزيد على 40 مترًا، وكذلك استخدام الموجات الصوتية التي تكشف ما تحت القاع.

وأكدت الهيئة أنها ستعمل على تصوير الموقع بالكامل بتقنية الفوتوجرامتري ثلاثي الأبعاد عالي الجودة، وتقنية الفيديو، وعمل مخطط دقيق لحطام السفن، وتحديد مواقع النقاط المرجعية الثابتة باستخدام نظام GPS. ، وكذلك انتشال القطع الأثرية التي يمكن أن تتعرض للضرر، وكشف أجزاء الحطام بأجهزة وأدوات العمل الأثري.

وكانت منطقة "حطام سفينة أملج" قد شهدت مسحًا أثريًّا سابقًا خلال 2015 و2016 بتعاون مشترك بين هيئة التراث وفريق إيطالي من جامعة نابولي، الذي كشف عن حطام سفينة تعود إلى ما يزيد على 100 عام، وتمت عملية تنظيف سطح الحطام الظاهر فوق سطح البحر، كما عُثر بجانبه على تل من الفخار المتراكم بفعل سقوط حمولة السفينة، وجرى تنظيفه، إضافة إلى عمل مجس اختباري بمساحة مترَيْن، واستخراج المئات من خزف البورسلان الصيني، بعضها بشكل مكتمل وسليم. ومن خلال مقارنة ودراسة الأشكال تبيَّن وجود العديد من الأشكال والزخارف التي تدل على ثراء إنتاجه، كما عُثر على عدد من المعادن المختلفة، وعلى قطعة جوز هند، وأنبوب غليون.

ورجحت الهيئة أن يخرج هذا المشروع بنتائج عديدة، من أهمها تغطية مساحة 400 كيلومتر من الجزء الشمالي للبحر الأحمر، ومسح وتوثيق أكثر من 25 موقعًا تراثيًّا مغمورًا بالمياه، والحصول على إحداثيات محدثة لمواقع التراث المغمور باستخدام نظام GPS، وكذلك إنتاج خرائط بحرية، وخرائط موزاييك، وصور وفيديوهات عالية الجودة لجميع المواقع، وانتشال القطع الأثرية ذات الأهمية المعرضة للضرر، وأخذ عينات لأغراض الدراسة، إضافة إلى اختيار بعض المواقع التي يمكن بعد ذلك فتحها لهواة الغوص تحت إشراف الهيئة.

ويرتبط هذا المشروع بإعلان الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وزير الثقافة، خلال قمة دول مجموعة العشرين التي استضافتها السعودية في نوفمبر 2020، المتضمن تأسيس مركز للتراث المغمور بالمياه. ويهدف المشروع إلى توثيق موقع السعودية المحوري، ودورها الرئيسي في كونها مركزًا حضاريًّا مهمًّا لمختلف الحضارات المتعاقبة منذ آلاف السنين، إضافة إلى ترسيخ جهود هيئة التراث الرامية إلى توثيق وصون التراث الوطني ونشره.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org