أدركت المملكة العربية السعودية منذ وقت مبكر أهمية المحافظة على البيئة خالية من التلوث والانبعاث الحراري وانبعاثات الكربون، والقضاء على أي مسببات سلبية تؤثر على كوكب الأرض أو تعبث في مناخه، وترى أن هذه المهمة ينبغي أن تقوم بها دول العالم مجتمعة، في إطار جماعي، تُبذَل فيه كل الجهود.
ولعل إعلان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء الأمير محمد بن سلمان، إطلاق النسخة الثانية من "قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر" و"منتدى مبادرة السعودية الخضراء" في مدينة شرم الشيخ المصرية؛ يعزز الجهود السعودية في ملف الحفاظ على البيئة.
وطوعًا، تتجه المملكة إلى تعزيز آليات الحفاظ على البيئة، من خلال مبادرات نوعية تطلقها تباعًا من أجل إيجاد بيئة صحية وملائمة للعيش والعمل النموذجي فيها، مثل مبادرة "الرياض الخضراء"، و"السعودية الخضراء"، بهدف زراعة ملايين الأشجار في مناطق المملكة، ويتجاوز اهتمام المملكة حاجز حدود الوطن إلى خارجه، بمبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي تعمّ فائدتها على دول الشرق الأوسط مجتمعة، وهي مبادرة نالت الكثير من الاستحسان من دول العالم الأول التي رأت أن المملكة تقوم بدور فعال في هذا الملف. وتهدف مبادرة السعودية الخضراء وحدها إلى زراعة 10 مليارات شجرة في أنحاء المملكة خلال العقود القادمة، ورفع نسبة المناطق المحمية إلى 30% من إجمالي مناطق المملكة، بالإضافة إلى تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًّا بحلول عام 2030م.
المبادرتان اللتان أطلقهما ولي العهد، العام الماضي، تستهدفان تعزيز جهود المملكة البيئية خلال السنوات السابقة وفق رؤية المملكة 2030، نظير رغبة المملكة الجادّة مواجهةَ التحديات البيئية التي تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع موجات الغبار والتصحُّر، وكجزء من جهودها لتعزيز الصحة العامة ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين فيها.
وتهدف المملكة من وراء إطلاق مبادرتَي الرياض الخضراء، والسعودية الخضراء، إلى حماية البيئة الطبيعية في المملكة، بعد المؤشرات التي تؤكد ارتفاع درجات الحرارة، ومعها تواجه المملكة مجموعة من التأثيرات السلبية، مثل التصحر، وموجات الغبار المتكررة، وشح المياه العذبة؛ إذ أكدت المملكة في أكثر من مناسبة أنه يجب اتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة في جميع أنحاء المملكة لحماية مستقبل الأجيال المقبلة.
ولا يمكن فصل اهتمام المملكة بملف البيئة وحماية المناخ، عن كونها منتجًا عالميًّا للطاقة، بتوسيع نطاق العمل المناخي مع الحفاظ على التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ تحرص على أن تكون شريكًا فاعلًا في الجهود العالمية للتصدي لتغيّر المناخ، وهو ما أثبتته المملكة على أرض الواقع من خلال إجراءاتها ومبادراتها في الحفاظ على البيئة نقيةً وخاليةً من التلوث والانبعاثات الكربونية.
وتُوازِن المملكة بين تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والبيئة، ولا ترضى بتجاوز أحدهما الآخرَ، وترفض الاختيار المضلل بين الحفاظ على الاقتصاد أو حماية البيئة. ويجري الانتقال إلى الحياد الصفري بطريقة تحفظ دور المملكة الريادي في تعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة العالمية.