تراث أي شعب، هو الموروث الثقافي المتراكم لأجياله المتعاقبة، خلال حقب التاريخ والعابر لها أيضًا إلى الجيل الحاضر والأجيال اللاحقة، ويتضمن الموروث الثقافي خبرات الحياة المتنوعة التي استقرت عليها الجماعات البشرية كأساليب مُثلي في تدبير متطلبات عيشها الأساسية من، مأكل ومشرب ومسكن وملبس وتنقل وتعامل مع الآخر من ثقافة مختلفة، ويحفل كل موروث ثقافي لشعب من الشعوب بمكونات متنوعة، تنبثق من الاهتمامات الجماعية للبشر في أي مجتمع.
ويتميز الموروث الثقافي السعودي بثراء مكوناته، المستمدة من تجارب الأجداد في معايشة الحياة، ومن هذه المكونات "حداء الإبل"، الذي أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم الثقافة "اليونسكو" في قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، خلال الاجتماع السنوي للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الذي عقد اليوم (الأربعاء) في المغرب، ولا يقصد بـ"حداء الإبل" الأصوات التي تصدرها الإبل، وإنما الترنيمات التي ينشدها الرعاة للإبل فتجتمع إذا تفرقت عن بعضها، أو تسلك اتجاهًا محددًا في السير.
فـ"حداء الإبل" طريقة تعامل ابتكرها الرعاة من سكان الجزيرة العربية لاستئناس الإبل والاستفادة من منافعها العديدة في أنشطة حياتهم، ولا يزال "حداء الإبل" نمط عيش منتشر في أرجاء المملكة، في ظل استمرار الاهتمام بتربية الإبل في كل مناطقها، ومن المؤكد أن تسجيل "اليونسكو" لـ"حداء الإبل" ضمن قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي، سيعود على المملكة دوليًا بفوائد ثقافية جمة، منها التعرف على ثقافة المملكة وتاريخها، ومدلولات مكونات موروثها الثقافي ومن بينها "حداء الإبل".
ومن الفوائد التي ستجنيها المملكة أيضًا من تسجيل "اليونسكو" لـ"حداء الإبل"، احتلال المملكة لجزء من الاهتمام الدولي بالموروث الصوتي للشعوب، فـ"حداء الإبل" يعبر عن طريقة تعامل خاصة في استئناس الإبل، ويعكس نمط من العلاقة الناجحة معها، وينبع تفرده من قدرة الرعاة على استمالة الإبل وتوجيهها، كما أن نجاح المملكة في تسجيل "حداء الإبل" على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لـ"اليونسكو" بالتعاون مع سلطنة عمان والإمارات، يعزز شراكة المملكة معهما، ويعمق من روابطها المشتركة.