بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، خاصة في الحرب الأخيرة، يطالب الكاتب والمحلل السياسي خالد بن حمد المالك، رئيس تحرير صحيفة "الجزيرة"، باستغلال وتفعيل الزخم والتفاعل الذي تبديه دول وشعوب العالم في الحرب بين "حماس" و"إسرائيل"، بالعمل سياسياً وإعلامياً على إقامة الدولة الفلسطينية، وتحقيق خيار الدولتين، وإرغام "إسرائيل" على القبول بهذه الدولة من أجل أمنها، والوصول إلى تثبيت الأمن والاستقرار في منطقتنا وفي العالم.
وفي مقاله "استثمار حرب غزة" بافتتاحية صحيفة "الجزيرة"، يقول المالك: "لاحظنا حجم التأثير القوي الذي تركته حرب إسرائيل على غزة، فكلما زاد عدد القتلى بين المدنيين الفلسطينيين، ارتفع حجم التنديد بعدوان إسرائيل، ومع كل يوم يمضي على هذه الحرب، يكون الموقف العالمي من إسرائيل في حالة إدانة لتل أبيب بشكل يربكها، وإن ادعت بغير ذلك.. حتى الرئيس الأمريكي قال إن زيادة عدد القتلى بين المدنيين سوف يزيد الضغط على إسرائيل حين مواصلتها لهذه الحرب، وهو واضح للجميع بما لا حاجة لتأكيده من الرئيس جو بايدن، لكنني أشرت إليه لأقول إن الداعم الأول والمهم لإسرائيل في هذه الحرب وهي أمريكا ظهر أنها تتوجس خوفاً من أن يكون العالم في حالة غضب وإدانة لإسرائيل".
يؤكد "المالك" أن "هناك فرصة كبيرة لاستثمار هذا الزخم الكبير الذي أحدثته ثورة 7 أكتوبر في تسريع إقامة الدولة الفلسطينية، وهذا الزخم يجب البناء عليه لتحقيق خيار الدولتين، فالعالم بدأ يتفهم أن للفلسطينيين حقوقاً مشروعة يجب أن تحقق لهم، وأن أكاذيب إسرائيل بأن فلسطين دولة بلا شعب، لخداع العالم بأن فلسطين أرض إسرائيلية للشعب اليهودي لم يُسقط حق الفلسطينيين وهويتهم في أرضهم المحتلة.. واستثمار هذه الفرصة في تحقيق آمال وتطلعات وطموحات الفلسطينيين، يجب أن يكون إعلامياً وسياسياً، مع الإبقاء على خيار الفلسطينيين بالمقاومة المسلحة في حدود إمكاناتهم المتاحة، ودعمهم كما أوصى الملك عبدالعزيز بالسلاح، وترك مسؤولية مقاومة المحتل بأيدي الفلسطينيين".
ويرصد "المالك" توابع يوم 7 أكتوبر، ويقول: "لقد مرت 75 سنة منذ احتلال إسرائيل لفلسطين، مدعومة من بريطانيا في البدايات، ثم أمريكا إلى اليوم، ورغم كل المحاولات وبالقوة المسلحة لإنهاء إصرار الفلسطينيين على قيام دولتهم، ومنع أي تفكير دولي لتحقيق ذلك، فإن ما حدث يوم 7 أكتوبر يُظهر أن خيار الدولة الفلسطينية لم يسقط ولن يسقط، وأن أمن إسرائيل مرهون اليوم وغداً وفي المستقبل بتحقيق الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.. المهم أن يستمر هذا الزخم ويتواصل، وأن تدرك إسرائيل أنها لم تتمكن من هزيمة الفلسطينيين، رغم فارق الإمكانات والقدرات العسكرية، ولم تتمكن من إضعاف أصواتهم في المطالبة بحقوقهم، فهم مع مرور الزمن يزداد تمسكهم بأرضهم وحقوقهم، وإصرارهم على الدفاع عنها".
ويطالب "المالك" باستمرار الدعم العربي والإسلامي للقضية، ويقول: "نعم، فاستثمار هذا الزخم الدولي المؤيد لقيام الدولة الفلسطينية يجب أن يصاحبه دعم عربي وإسلامي، وعدم الاكتفاء بجعل ذلك مسؤولية فلسطينية فقط، خاصة بعد المؤتمر العربي - الإسلامي الاستثنائي الذي عُقد بالرياض، وكانت قراراته تصب في هذا الاتجاه، بدليل تشكيل اللجنة الوزارية المشتركة التي جابت الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن لوضع تصور لما يمكن أن يكون لإنهاء أطول استعمار لدولة في العالم، وبالتالي قيام دولة فلسطينية قادمة".
ويضيف "المالك" قائلاً: "وإذ نذكّر بذلك، فنحن على يقين بأن أي حق لأي أمة لا يمكن أن يسقط بالتقادم وله مطالب، والشعب الفلسطيني أمام حقوقه المشروعة لم يهن ولم يستسلم ولم يحبط رغم طول بقاء الاحتلال في أراضيه؛ لأنه يطالب بما هو حق له، حتى وإن كان العدو بهذه الشراسة، وبهذا الدعم غير المسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية في حروبه مع العرب والفلسطينيين".
وينهي "المالك" قائلاً: "دعونا نعمل على تفعيل هذا الزخم وهذا التفاعل الذي تبديه دول وشعوب العالم في الحرب بين حماس وإسرائيل، بالعمل سياسياً وإعلامياً بما يحقق الهدف، ويمنع إسرائيل من إنكار حقوق الفلسطينيين، وقبولها مرغمة على قيام الدولة الفلسطينية، وصولاً إلى تثبيت الأمن والاستقرار في منطقتنا وفي العالم".