بالصور.. "سبق" في كوريا الجنوبية.. كيف تحولت من الفقر إلى التكنولوجيا العالمية؟ ولماذا اشتهرت "الكيبوب" الغنائية و"الكيمتشي"؟

عدد السياح السعوديين هذا العام أكثر من 14 ألفًا أغلبهم يبحثون عن العلاج الطبي التجميلي
بالصور.. "سبق" في كوريا الجنوبية.. كيف تحولت من الفقر إلى التكنولوجيا العالمية؟ ولماذا اشتهرت "الكيبوب" الغنائية و"الكيمتشي"؟

مدت لي الطبق الصغير، قائلة: "تذوق الكيمتشي إنه حار قليلًا؛ لكنه سيعجبك، هذا طبقنا التقليدي". هكذا تشرح المرافقة السياحية الكورية الشابة "كيت" ونحن على مائدة مطعم كوري تقليدي في ضاحية "غانغدونغ" في مدينة سيئول. مضيفة: "الكمتشي وجبة شعبية منذ مئات السنين". بعد أن تذوقته، لم يعجبني، فهو شبيه المخلل والطرشي عندنا، وطعمه لاذع قليلًا، ومكون من الملفوف والثوم، والفلفل الحار والملح، ويتناوله الكوريون بشكل يومي، وتتغير المكونات حسب الذوق أو تقاليد العائلة، هو كالمقبلات قبل الأكل.

الطعام الكوري

والطعام الكوري الجنوبي قد لا يعجب الكثير من السياح السعوديين لاختلاف الأذواق، والنكهات؛ لكن المطبخ الكوري يشتهر بأطباق خفيفة وصحية تعتمد بشكل كبير على الأرز الأبيض، واللحوم والأسماك المسلوقة أو المقلية، ويكثر استخدام زيت السمسم والصويا، وفي الثقافة الكورية يجب أن يقوم الشخص الأكبر سنًّا بتناول الطعام أولًا، ثم يأكل الجميع.

شعب منتج

والثقافة الكورية الجنوبية مقاربة جدًّا للثقافة العربية من ناحية المبادئ والأخلاق العامة، والترابط الأسري، والاستئذان قبل الدخول؛ لذا لا يشعر السياح السعوديون بالغرابة في التعامل اليومي. ويمكن وصف الكوريين الجنوبيون بأنهم شعب منتج رجالًا ونساء، يحبون العمل في مختلف القطاعات والوظائف المتاحة، وهو ما ارتقى باقتصادها في وقت قصير. ويحترمون الوقت بشدة، ويتجنبون الإخلال بالمواعيد، وهم مؤدبون كثيرًا في تعاملهم، واحترامهم للأكبر سنًّا.

تداخل الألوان والأصوات

و"سيئول" عاصمة كوريا الجنوبية مدينة جميلة ورائعة. وهي محور التكنولوجيا الرائدة في العالم والشركات متعددة الجنسيات، وتقع في الشمال الغربي على طول نهر "الهان" الذي يقسمها نصفين، ومشهدها الحضاري يحوي جانبًا من الإبهار البصري والحسي مع تداخل الألوان والأصوات والموسيقى التقليدية، وشوارعها مزدحمة تحفها ناطحات السحاب ومباني مكاتب الشركات العالية، وتحيط بها الجبال الخضراء، وتتميز "سيئول" بمناظر الطبيعة الخلابة وحركة سريعة للأشخاص والسيارات. وهي مدينة نشطة منذ ساعات الصباح الباكر حتى ما قبل منتصف الليل، عندها تبدأ المدينة في الاسترخاء والهدوء ويخف الزحام كثيرًا، وتتميز بالمطاعم والمقاهي العصرية والتقليدية، وتشتمل على معالم سياحية جميلة منها برج سول الشهير، وأكبر منتزه داخلي في العالم، ونافورة ضوء القمر.

الشارع الأشهر

ويُعد شارع "ميونغدونغ" من أشهر الشوارع للتسوق، وفيه محلات معروفة لبيع مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، وكذلك أطعمة الشوارع، وعربات الأكل المتنوعة، والعديد من المولات والأسواق الكبيرة العصرية.

"القصر الأزرق"

ومن أشهر معالم المدينة، "القصر الأزرق" الذي يعتبر المبنى السياسي الأهم في كوريا الجنوبية، وهو تاريخيًّا يعد المكتب التنفيذي والمقر الرسمي لرئيس الجمهورية. الذي تخلى عنه الرئيس الحالي، ونقل مكتبه إلى وسط المدينة، وتحول "القصر الأزرق" لمنتزه مفتوح للجمهور والزوار، و"القصر الأزرق" تأسس في عهد حكم أسرة "غوريو" قبل عدة قرون، وتعود تسميته إلى سقفه القرميدي الأزرق، وهو يطل على جبل "بوكان" الأخضر.

قصر "غيونغبوك"

كذلك يُعد قصر "غيونغبوك" من أقدم وأشهر المعالم الكورية، وهو القصر الملكي الأساسي في عهد سلالة الملك "جوسون"، وبني عام 1395م، ويضم متحف كوريا الوطني، ومتحف الشعب الوطني، وبحيرات مائية، وعند زيارة هذا القصر التاريخي يفضل ارتداء الزي الكوري التقليدي "هانبوك"، متعدد الألوان والنقوش.

الاقتصاد المتنوع

والاقتصاد الكوري الجنوبي متنوع يعتمد على صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وعلى الشركات الكبيرة العالمية كسامسونج وإل جي، و"هيونداي- كيا"، وشركات إنتاج السيارات والهواتف المحمولة، وغيرها، مع التركيز على تطوير البنى التحتية للإنترنت، والاستثمار في المشروعات الواعدة. ويعد الاقتصاد الكوري واحد من أكبر الاقتصادات العالمية من حيث النمو وارتفاع دخل الفرد والمستوى المعيشي، وهو الرابع في آسيا، والحادي عشر عالميًّا. وقد تمكنت كوريا الجنوبية خلال 40 عامًا من النمو الاقتصادي، وتحولت من اقتصاد يعتمد بشكل أساسي على الزراعة إلى اقتصاد يعتمد على الصناعة والتعدين، وتحولت من بلد فقير يتعرض سنويًّا للمجاعة إلى واحد من أكبر الاقتصادات في العالم.

كيبوب K-pop

وتشتهر كوريا الجنوبية بـ"الكيبوب" و"الكيدراما"، ويعجب العديد من المراهقين والشباب وحتى كبار السن حول العالم بالأغاني والدراما الكورية التي تسمى "كيبوب"، و"كيدراما"، وفي الغالب فهذه الفِرَق الغنائية سواء "الرجالية والنسائية" يقف خلفها شركات إنتاج ضخمة، وقنوات تلفزيونية معروفة. وسبب شهرتها عالميًّا أنها تؤثر على الناس بكلمات لطيفة تلامس أحاسيس المراهقين، وهموم الشباب، وتحرص الفِرَق الكورية على الأناقة ولبس "ستايل" غريب يجعلهم مميزين، ويشمل ذلك قيامهم ببعض العمليات التجميلية، حتى يصبح أعضاء الفرقة متناغمين، وتبرز فرقة "بي تي إس" كواحدة من الفِرَق الغنائية الأكثر شعبية في العالم.

أما في الدراما الكورية والمسلسلات فتظهر قضايا القيم العائلية والترابط الأسري، والصداقة، والضغوط الاقتصادية. وهذا الانتشار العالمي لـ"الكيبوب" و"كيدراما" يقف خلفه دعم كبير ومعلن من الحكومة الكورية الجنوبية لاستخدامها كقوة ناعمة. وفي عام 2022م بلغت الميزانية المخصصة لوزارة الثقافة والرياضة والسياحة 6.05 مليارات دولار أمريكي خُصص جزء كبير منها لدعم إنتاج المحتوى الثقافي والموجة الكورية والترويج على مستوى العالم.

الرياضات الإلكترونية

وفي جانب الألعاب الإلكترونية، تعد كوريا الجنوبية رائدة في حركة الرياضات الإلكترونية من خلال بطولات منظمة وتدريب فِرَق محترفة، وإقامة الفعاليات في ملاعب مليئة بآلاف المشاهدين. ومن أشهر الألعاب لعبة "ليج أوف ليجيندز"، إحدى أشهر الألعاب الجماعية على الإطلاق في العالم.

عمليات التجميل

وفي المجال الصحي والرعاية الطبية تحتل كوريا الجنوبية المركز التاسع عالميًّا، وتبرز عمليات التجميل في كوريا عند مقارنتها بباقي دول العالم، وهي عاصمة عمليات التجميل في العالم.

السعودية وكوريا

وتشهد العلاقات بين المملكة وكوريا الجنوبية، تطورًا كبيرًا على مختلف المجالات السياسية والاقتصادية؛ ففي المجال السياحي بلغ عدد السياح السعوديين في كوريا الجنوبية هذا العام 2023 أكثر من 14 ألف سائح، وغالبًا ما يبحث هؤلاء السياح عن العلاج الطبي التجميلي في المستشفيات الجامعية ومرافق الرعاية الصحية الكبيرة، بينما تستكشف عائلاتهم المعالم الثقافية في البلاد. ويفضل الزوار من المملكة التسوق والتجارب الثقافية؛ بسبب الصناعة التحويلية ذات الأسعار المعقولة، وتصميم المنتجات بما يتناسب مع الثقافة العربية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org