

في مقال وافٍ بصحيفة "الشرق الأوسط" بعنوان "من الجد إلى الحفيد: الثابت العربي الفلسطيني"، يستعرض الأمير تركي الفيصل مسيرة ثبات الموقف السعودي تجاه القضية الفلسطينية، واستقلال قرارها السياسي عبر عقود ممتدة من عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، وصولًا إلى زمن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويؤكد الفيصل أن العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة تحمل شراكة استراتيجية مستقرة، وليست خاضعة للابتزاز أو المساومات على حساب فلسطين.
لقاء يالطا.. اللحظة التي كشفت قوة الإرادة العربية
يروي الأمير تركي واقعة تاريخية خلال مؤتمر يالطا 1945، حين سأل ستالين روزفلت عن هديته للملك عبدالعزيز فأجاب: "الستة ملايين يهودي في أمريكا"، لكن الملك المؤسس رد الهدية، مؤكدًا أن "فلسطين والبلاد العربية لأهلها، ومن ظلم اليهود هم المسؤولون عن توطينهم في بلادهم"، لترسخ تلك اللحظة موقفًا عربيًا ثابتًا، وخصوصية سعودية لا تقبل التفريط في الحق الفلسطيني.
وقد علّق روزفلت لاحقًا قائلاً عن الملك المؤسس: "لم أقابل شخصًا مثله طوال حياتي، إنه رجل ذو إرادة حديدية". هذا اللقاء وضع أساس العلاقات السعودية – الأميركية على قاعدة احترام السيادة وتحييد المصالح الثنائية عن النزاعات الإقليمية.
ثبات لا يتغير.. من الملك سعود إلى الملك فيصل
يسلط الفيصل الضوء على محاولات الضغط على السعودية للتخلي عن مواقفها العربية، خاصة أثناء العدوان الثلاثي على مصر 1956، حين هددت واشنطن بالتخلي عن النفط العربي. لكن السعودية ردت بثقة بأن الاستغناء عن النفط العربي مستحيل، واستمرت في دعم مصر والعرب.
وفي عام 1973، استخدم الملك فيصل سلاح النفط دفاعًا عن القضية الفلسطينية، رغم التهديدات، مما أجبر الولايات المتحدة على إعادة حساباتها، وأعاد العلاقات لمسارها الاستراتيجي، بعيدًا عن الخلافات.
اتفاق استراتيجي وتعاون مستدام
شكل عام 1974 نقطة تحول بعد زيارة الرئيس نيكسون للمملكة، حيث تأسست اللجنة السعودية – الأميركية المشتركة للتعاون الاقتصادي، التي مهدت لشراكة اقتصادية وعلمية وتقنية واسعة، مع احتفاظ المملكة بحقها في اتخاذ مواقف مستقلة تجاه القضية الفلسطينية.
فلسطين أولاً… قبل أي تطبيع أو شراكة سياسية
يضيف الأمير تركي أن محاولات الضغط من إدارات أوباما وترامب وبايدن لدفع المملكة نحو التطبيع مع إسرائيل لم تنجح، بسبب ثبات الموقف السعودي بأن لا تطبيع دون حل عادل يرضاه الفلسطينيون.
ويختتم الفيصل بأبرز المواقف الحديثة، حيث أكد الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للبيت الأبيض: "الاتفاقات الموقعة تخدم مصالح المملكة وشعبها فقط، ولن يكون هناك تطبيع مع إسرائيل إلا بعد إيجاد مسار واضح لحل الدولتين".