رحَّب مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بدعوة المملكة العربية السعودية رئيس القمة الإسلامية الرابعة عشرة، وجمهورية العراق، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، لعقد دورة استثنائية عبر الاتصال المرئي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بشأن جريمة التدنيس المتكررة لنسخ من المصحف الشريف، التي وقعت آخرها بمملكة السويد يوم الخميس 20 يوليو 2023، وبمملكة الدنمارك يوم السبت 22 يوليو 2023، ويوم الاثنين 24 يوليو 2023.
وفي التفاصيل، أكد الوزراء ضرورة وضع الإجراءات المناسبة لعدم الاعتداء أو الانتقاص من مقدسات ومعتقدات الآخرين، وإيقاف تكرار تلك الأفعال التي تبث الكراهية وازدراء الأديان، وتهدد السلم والأمن والوئام العالمي.
وأشار المجلس إلى المبادئ والأهداف المنصوص عليها في ميثاقَي المنظمة والأمم المتحدة، والوثائق الدولية الأخرى، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. مؤكدًا الالتزام الذي تعهدت به جميع الدول بموجب ميثاق الأمم المتحدة بتعزيز وتشجيع الاحترام العالمي لمراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
وأخد الأعضاء في الحسبان الموقف الرسمي الذي عبَّر عنه وزيرا خارجية السويد والدنمارك للأمين العام للمنظمة وتنديد حكومتَيْهما بأعمال الإساءة لنسخ من المصحف الشريف، مرحبًا باستمرار تواصل الأمين العام مع حكومتَي السويد والدنمارك للحوار والتفاهم حول أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة والملموسة لعدم تكرار تلك الأعمال تحت ذريعة حرية التعبير، والعمل على تجريم هذه الأعمال البغيضة.
وأكد المجلس أن ممارسة الحق في حرية التعبير تنطوي على واجبات ومسؤوليات خاصة في ضوء المادة الـ19 (3) والمادة الـ20 (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والدور الذي تؤديه ممارسة تلك الحقوق في التصدي لجميع أشكال التعصب الديني.
وأشار إلى مختلف قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تدعو إلى بذل جهود عالمية لتعزيز التسامح والسلام والحوار بين الحضارات، خاصة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 66/ 167، وقرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/ 18 الصادر في مارس 2011 لمعالجة قضية التعصب والتحريض على الكراهية والعنف على أسس دينية. وأشار إلى قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة 34/ 36، والمؤرخ بـ24 مارس 2017، الذي طلب فيه المجلس وضع معايير تكميلية للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري؛ لضمان بدء المفاوضات بشأن مشروع البروتوكول الإضافي للاتفاقية الذي يجرم الأفعال ذات الطابع العنصري، والقائمة على كره الأجانب، مثل الإسلاموفوبيا. وكذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 76/ 254 الذي حدد يوم 15 مارس "يومًا دوليًّا لمكافحة الإسلاموفوبيا"، وإلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم A/ 77/ L.89 بشأن تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح لمواجهة خطاب الكراهية، الذي تم تقديمه بمبادرة من المملكة المغربية، واعتُمد بتاريخ 25 يوليو 2023.
وكذلك أشاروا إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2686 (2023) الصادر بإجماع الدول الأعضاء يوم 14 يونيو 2023 حول التسامح والسلم والأمن الدوليَّين، والقرارات والإعلانات ذات الصلة الصادرة عن مؤتمر القمة الإسلامي ومجلس وزراء الخارجية، ولاسيما البيان الختامي للقمة الإسلامية الرابعة عشرة التي عقدت في مكة المكرمة في 31 مايو 2019، والبيان الختامي الصادر عن الاجتماع الاستثنائي مفتوح العضوية للجنة التنفيذية بتاريخ 9 رجب 1444هـ، الموافق 31 يناير 2023، والبيان الختامي الصادر عن الاجتماع الاستثنائي مفتوح العضوية للجنة التنفيذية بتاريخ 14 ذي الحجة 1444هـ، الموافق 2 يوليو 2023، والقرارات التي اعتمدها مجلس وزراء الخارجية التاسع والأربعون المنعقد في نواكشوط بالجمهورية الإسلامية الموريتانية في 16-17 مارس 2023، ولاسيما القرار رقم 32/ 49-س بشأن "مكافحة الإسلاموفوبيا والقضاء على الكراهية والتحيز ضد الإسلام"، والقرار رقم 34/ 49 -س بشأن "مناهضة تشويه صورة الأديان"، والقرار رقم 35/ 49-س بشأن "إدانة انتهاك حرمة المصحف الشريف". وكذلك قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رقم 53/ 1 بشأن "مكافحة الكراهية الدينية التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف"، الذي اعتمد يوم 12 يوليو 2023.
وأعرب المجلس عن بالغ القلق إزاء تزايد حوادث التعصب والتمييز وأعمال العنف التي يشهدها العالم، ولوحظ بقلق أن محاولات نشر كراهية الإسلام آخذة في الازدياد في أجزاء كثيرة من العالم كما يتضح من العدد المتزايد من حوادث التعصب الديني والقوالب النمطية السلبية والكراهية والعنف ضد المسلمين. وتعزز حوادث حرق نسخ من المصحف الشريف التعصب والتمييز.
ورحب بالاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا لأول مرة في الجمعية العامة بمقر الأمم المتحدة في شهر مارس من العام الجاري، وعبّر بقلق عميق عن عودة ظهور الحركات العنصرية والتطرف اليميني في مناطق متعددة من العالم من خلال أعمال الاستفزاز المتكررة لمؤيدي اليمين المتطرف من خلال إهانة الرموز والمقدسات الدينية الإسلامية، بما في ذلك تدنيس نسخ من المصحف الشريف.
ورحب بعقد جلسة نقاش طارئة خلال الدورة الثالثة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان لمناقشة "التزايد المثير للقلق للأعمال العلنية والمتعمدة التي تنطوي على الكراهية الدينية، كما يتبين من تكرار جريمة تدنيس المصحف الشريف"، واعتماد قرار مجلس حقوق الإنسان تماشيًا مع بيان الاجتماع الطارئ مفتوح العضوية للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي، وأيضًا بالقرار الأخير الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن "الحوار والتسامح بين الأديان والثقافات للتصدي لخطاب الكراهية"، الذي تعرب فيه الجمعية العامة عن أسفها الشديد إزاء أعمال العنف كافة ضد الأشخاص بسبب دينهم أو معتقداتهم، وأيضًا إزاء أي أعمال أخرى موجهة ضد رموزهم الدينية وكتبهم المقدسة وأماكن عبادتهم وأماكنهم الدينية وأضرحتهم؛ ما يعد خرقًا للقانون الدولي.
ودان أي دعوة إلى الكراهية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف، سواء أكان ذلك باستعمال الوسائل المطبوعة أو الوسائل السمعية والبصرية أو الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو أي وسائل أخرى.
وأكد الوزراء أهمية تعزيز الحوار والتفاهم والتعاون بين الأديان والثقافات والحضارات من أجل السلام والوئام في العالم، وأن نشر قيم التسامح والسلام هو السبيل الأمثل لمواجهة خطابات الكراهية والتعصب والتطرف والعنف والتحريض.
1- ندد المجلس بتكرار الاعتداءات السافرة على حرمة وقدسية المصحف الشريف، التي كان آخرها في مدينة استوكهولم، عاصمة مملكة السويد، يوم الخميس 20 يوليو 2023، وكذلك في مدينة كوبنهاجن، عاصمة مملكة الدنمارك، يوم الاثنين 24 يوليو 2023، ويأسف لتكرار أفعال تدنيس نسخ من المصحف الشريف، ويأسف بشدة لاستمرار السلطات السويدية في إصدار تصاريح تسمح بتنفيذها، وعدم اتخاذ ما يلزم لمنعها في كل من السويد والدنمارك.
2- أكد أن عدم اتخاذ السلطات في السويد والدنمارك إجراءات تمنع تكرار مثل هذه الأفعال مخالفٌ لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2686 (2023) الصادر يوم 14 يونيو 2023 حول التسامح والسلم والأمن الدوليَّين.
3- تقرر إرسال وفد من منظمة التعاون الإسلامي برئاسة الأمين العام؛ لحث مفوضية الاتحاد الأوروبي للإعراب عن إدانة الدول الأعضاء في المنظمة لجريمة تدنيس المصحف الشريف، ودعوتها إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار ذلك العمل الإجرامي تحت ذريعة حرية التعبير.
4- دان المجلس كل محاولات الإساءة إلى حرمة المصحف الشريف وغيره من الكتب والقيم والرموز المقدسة للإسلام والأديان الأخرى تحت ذريعة حرية التعبير، التي تتعارض مع روح المادتَين الـ19 والـ20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويطالب المجتمع الدولي بالتصدي بالإجماع لتلك المحاولات الاستفزازية.
5- دعا سفراء الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في العواصم التي تقع فيها أعمال شنيعة ضد نسخ من المصحف الشريف، والرموز الإسلامية المقدسة الأخرى، إلى بذل جهود جماعية على مستوى البرلمانات الوطنية ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن المؤسسات الحكومية الأخرى؛ للتعبير عن موقف منظمة التعاون الإسلامي، وحث الجهات ذات الصلة على اتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة لتجريم مثل هذه الاعتداءات، آخذة في الحسبان أن ممارسة حرية التعبير تنطوي على واجبات ومسؤوليات خاصة.
6- دعا جميع بعثات منظمة التعاون الإسلامي في المنظمات الدولية المعنية التي هي معتمدة لديها (نيويورك وجنيف وبروكسل) إلى أخذ زمام المبادرة من أجل التصدي لأعمال الكراهية ضد الإسلام ورموزه ومقدساته في تفسير الاتفاقيات ذات الصلة، وكذلك وضع نصوص قانونية دولية جديدة لهذا الغرض.
7- التنديد بتكرار جريمة تدنيس نسخ من المصحف الشريف، الذي أثار حفيظة ومشاعر نحو مليارَي مسلم في أنحاء العالم كافة؛ ما يمثل تجسيدًا خطيرًا لثقافة الكراهية والعنصرية، ومظهرًا من مظاهر الإسلاموفوبيا، والمطالبة بالوقف الفوري لمثل هذه الأفعال الاستفزازية المتطرفة وتجريمها، وضرورة احترام النصوص والرموز الدينية، وتعزيز ثقافة السلام وقبول الآخر.
8- دعا مؤسسات المجتمع المدني الإسلامية في الدول الأعضاء إلى العمل مع نظيراتها في الدول التي تقع بها اعتداءات معادية للإسلام على نسخ من المصحف الشريف، وغيره من القيم المقدسة، إلى اللجوء إلى المحاكم المحلية، واستنفاد جميع إجراءات التقاضي المحلية، ورفع الدعاوى إلى الهيئات القضائية الدولية عند الاقتضاء.
9- دعا الأمانة العامة إلى الإسراع في تنفيذ "خطة العمل لمكافحة الإسلاموفوبيا"، التي اعتمدها وزراء الدول الأعضاء في فريق الاتصال المعني بالسلام والحوار، على هامش الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وحث الأمانة العامة على بذل مزيد من الجهود للتنسيق والتعاون مع المنظمات الإسلامية المعنية بهذا الشأن من أجل التعاون والتكامل في تنفيذ خطة العمل المشار إليها أعلاه؛ لمواجهة تداعيات الإسلاموفوبيا السلبية بشكل عام بأكثر فاعلية، مع تفعيل ما ورد في هذا الصدد في وثيقة مكة المكرمة التي أقرها مجلس وزراء الخارجية في دورته الـ 48 التي عقدت في إسلام أباد بباكستان في 2022.
10- أكد أهمية خطة العمل ذات النقاط الثماني المتفق عليها بالإجماع بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/ 18 باعتبارها خطوة مهمة في الأمم المتحدة لمكافحة التحريض على الكراهية والتمييز والوصم والعنف على أساس الدين أو المعتقد، ودعا جميع الدول الأعضاء إلى مراجعة التقدم المحرز في تنفيذ خطة العمل وبذل الجهود كافة للحفاظ على الإجماع الدولي حول هذه المبادرة المهمة للمنظمة.
11- التأكيد من جديد على الدور الأساسي للالتزام السياسي على أعلى مستوى من أجل التنفيذ الكامل والفعال لقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة 16/ 18، وشجّع الدول على إيلاء اهتمام خاص لأهمية تجريم التحريض على العنف على أساس الدين أو المعتقد مع الإقرار بالدور الإيجابي للنقاش المفتوح والبناء والاحترام والحوار بين الأديان في هذا الصدد.
12- رحب بقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رقم 53/ 1 بشأن "مكافحة الكراهية الدينية التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف"، الذي اعتمد يوم 12 يوليو 2023، وشدد على ضرورة الالتزام بمضمونه.
13- عبّر المجلس عن فائق تقديره للدول الأعضاء كافة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي صوتت لصالح قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 53/ 1 والدول التي ساندته، ودعا جميع الدول الأعضاء للالتزام بما تضمنه ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، بما في ذلك الفقرة الـ12 من أهداف الميثاق.