أشاد صندوق النقد الدولي في تقرير مشاورات المادة الرابعة للعام 2024م، بما تقدمه المملكة العربية السعودية من جهود متواصلة للحدّ من آثار التغير المناخي وحفاظها على أدنى مستويات الانبعاثات الكربونية من بين دول مجموعة العشرين رغم أنها تعدّ من أكبر منتجي الطاقة في العالم، مشيرًا إلى أن ذلك يعود للمبادرات الشاملة التي عملت عليها المملكة للتقليل من غازات الاحتباس الحراري و"إزالة الكربون من اقتصادها" من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وإطلاق عدة برامج بيئية كبرى؛ أبرزها برنامج كفاءة الطاقة، وبرنامج إزاحة الوقود السائل، إضافة إلى استثماراتها المتنوعة في سوق الهيدروجين وتقنيات احتجاز الكربون واستهدافها الوصول إلى الحياد الصفري بحلول العام 2060م.
ومن الجدير بالذكر أن التقرير قد تضمن تحليلًا شاملًا عن الوضع الاقتصادي والمالي للمملكة، وقد تم ذلك بعد زيارة أعضاء صندوق النقد الدولي للمملكة وإجراء مناقشات مع مسؤولي القطاعين العام والخاص حول التطورات والسياسات المالية والاقتصادية؛ ومنها استعراض جهود الدول الأعضاء في الحدّ من آثار التغير المناخي والحفاظ على البيئة.
على الرغم من الربط الدائم للطاقة بالتلوث البيئي، إلا أن المملكة، أحد أكبر منتجي الطاقة في العالم، عملت على كسر هذه القاعدة من خلال "مبادرات شاملة" جعلتها إحدى أدنى الدول في كثافة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. وذكر التقرير أن المملكة تمكنت في العام 2023م من خفض ما نسبته 2.3% من انبعاثات النطاق الأول "الاستخدام المباشر للوقود الأحفوري" مع الحفاظ على بقاء انبعاثات النطاق الثاني "الاستخدام غير المباشر للوقود الأحفوري"، والحفاظ على مستويات أقل مما كانت عليه قبل جائحة كورونا على الرغم من ارتفاع إنتاج النفط؛ من خلال خفض كثافة الحرق بنسبة أقل من 5.5% عما كانت عليه في 2020م.
وتأتي "حماية البيئة" ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، بوصفها إحدى ركائز تحقيق التنمية المستدامة، وتحقيقًا لالتزام المملكة بالوصول إلى الحياد الصفري في العام 2060م، وترسيخًا لدورها المحوري في مواجهة التغير المناخي والحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وأشار التقرير إلى أن إنتاج الطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية زاد أربعة أضعاف عما كان عليه سابقًا، ليصل إلى 2.8 جيجاوات في العام 2023م، على أن يرتفع هذا الرقم بحلول نهاية العام إلى 23 جيجاوات بعد الانتهاء من بعض المشاريع القائمة؛ وذلك لتحقيق مستهدف السعودية لتوليد نصف الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة بحلول العام 2030م.
ويذكر التقرير أن النموّ المتسارع في معدلات إنتاج الطاقة المتجددة الذي ستزداد بمقدار 20 جيجاوات سنويًّا بدءًا من العام 2025م، دفع المملكة إلى مراجعة هدفها لتوليد 58.8 جيجاوات في 2030م وزيادته إلى 100-130 جيجاوات؛ وذلك مراعاة لما تشهده المملكة من توسع مستمر للاقتصاد ومعدلات نمو مرتفعة في الأنشطة.
وعن مساعي الحكومة السعودية لتحقيق الريادة العالمية والتوازن الأمثل في قطاع الطاقة المتجددة، أشاد الصندوق بما تعمل به المملكة من برامج متنوعة تهدف للحفاظ على البيئة والتقليل من هدر الطاقة عبر عدة برامج على مستوى المملكة؛ منها برنامج لإزاحة الوقود السائل والتعويض عنه بالغاز ومصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء؛ حيث سيعمل على بناء 4000 كيلومتر من أنابيب الغاز لتوصيلها إلى المدن الصناعية ومحطات تحويل الطاقة وتحلية المياه، إضافة إلى بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالغاز الحراري؛ مما سيسهم في خفض انبعاثات الكربون بما لا يقل عن 175 مليون طنّ سنويًّا بحلول العام 2030م.
وعلى ذات السياق نوّه التقرير إلى جهود البرنامج السعودي لرفع كفاءة استهلاك وإنتاج الطاقة في وضع معايير للحدّ من هدر الطاقة والتوعية حول الاستخدام الأمثل للكهرباء في القطاعات الصناعية والحكومية والتجارية وعلى مستوى الأفراد أيضًا، ومن خلال اعتماد تقنيات فعالة لتقليل كثافة الطاقة؛ مما أسهم في زيادة استخدام السيارات الكهربائية ووسائل النقل العام بما فيها مترو الرياض.
أكّد التقرير أن المملكة تخطط للاستفادة من مواردها الكبيرة للاستثمار في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأزرق والأخضر، منوِّهًا إلى أنه بالرغم من التحديات في الحصول على اتفاقية الشراء الضرورية لبناء مشاريع الهيدروجين، إلا أن المملكة تمكنت من عقد اتفاقية شراء لمدة 30 عامًا لمشروع نيوم للهيدروجين الأخضر.
وفيما يتعلق بتقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، أشار الصندوق إلى أن المملكة تستحوذ حاليًّا على 1.3 مليون طن سنويًّا من ثاني أكسيد الكربون من خلال مصنعي "سابك المتحدة" و"العثمانية"، كما تقوم المملكة ببناء أكبر مركز لاحتجاز الكربون وتخزينه في العالم بسعة إنتاجية تبلغ 9 ملايين طنّ سنويًّا خلال مرحلته الأولى بما يدعم هدف المملكة المتمثل بالتقاط واستخدام وتخزين 44 مليون طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2035م.