لدى بعض أفراد المجتمع ازدواجية في معايير القيم الإنسانية والأخلاقية. ومؤلم أكثر أن يكون قبول مبررات تلك الازدواجية التي يصنعها لصوص الإنسانية هو تحميل الدولة مسؤولية خروجهم عن قانونها أولاً، ثم قانون الإنسانية؛ وكأنهم يخلقون حقبة زمنية جديدة، يحق لهم فيها ممارسة "عبودية الإنسان".
ببساطة، بعض أفراد مجتمعنا، وبمختلف مستوياتهم المالية والاجتماعية والثقافية، يسلكون طريقًا مختلفًا وجديدًا للزواج بـ"تأشيرة خادمة" عند الرغبة بالزواج من زوجة جديدة، أو التجديد بحجة الشعور بالملل من الزوجة الأولى، أو لأي سبب آخر؛ إذ إن كل ما هو مطلوب هو التقديم على أحد مكاتب الاستقدام لإحدى الدول العربية بعد أن قام شيطان الباطل هناك بالترتيب، وتنسيق الطلب أن تكون هذه الخادمة زوجة في السعودية دون شروط أو وجود أوراق ثبوتية أو صك زواج شرعي وتصريح الموافقة من الدولة. وحينما تصل الخادمة للسعودية يستقبلها الكفيل "الشايب الزوج"، ثم تتحول بقدرة قادر إلى زوجة شرعية؛ فالشرع حلل أربعًا. ولأن هناك ٣ شهود من الجماعة، حضروا ووقّعوا على ورقة الزواج ببصماتهم، ولأن هذا الشخص لم يعد يحتمل إجراءات الانتظار والموافقة للحصول على تصريح وزارة الداخلية، ولأنه أيضًا يخشى أن يكون للخادمة الزوجة نصيب من الإرث والمال، وتشارك أبناءه الورثة، فـ"تأشيرة خادمة" تكفي لإثبات عدم استحقاقها.
لا أبالغ إن قُلت إن هذا الزواج تحديدًا "جريمة إنسانية"، يستحق من يسعى ويروّج له ويقوم به العقوبة، إضافة للغرامة المالية التي حددتها وزارة الداخلية في حال الزواج من أجنبية دون تصريح، وهي مبلغ 100 ألف ريال؛ ليس بسبب الزواج نفسه، ولكن للطريقة نفسها، والأسلوب الذي يتم به الزواج بشكل عبثي في سلب هذه المرأة "الخادمة" حقها الشرعي كزوجة، وبزواج كامل ومتكامل الشروط والأركان، واستغلال فقرها وحاجتها، وحرمانها من الميراث ووثيقة تثبت زواجها شرعًا.. كذلك حقها الإنساني أنها زوجة وليست خادمة، وحقها المالي في حرمانها من راتبها الشهري كخادمة لأنها زوجة، إضافة إلى حقها القانوني في الحياة والمجتمع.
لا أعلم حقيقة ماذا سيكون لكبار العلماء من رأي؟ وما ستقوم به وزارة الداخلية من إجراءات مستحقة للمخالفين والمتسترين على هذا الزواج؟ وكيف لهيئة حقوق الإنسان أن تعمل من جهود لمناهضة وتجريم هذا الأمر المخالف قانونيًّا واجتماعيًّا وإنسانيًّا؟ ننتظر..
وأخيرًا: الزواج علاقة أسمى من أن تكون تأشيرة مؤقتة، تنتهي صلاحيتها.