عندما نتذكر أبرز الشخصيات التي رحلت عنّا خلال العام الماضي يبرز في الذاكرة الإعلامي السعودي فهد الفهيد، والذي انتقل إلى رحمة الله مطلع شهر ذي الحجة الماضي، وسط حزن عمّ رفاقه وأسرته وكل من يعرفه عن قرب.
كانت الكلمات الأخيرة التي كتبها في حسابه الرسمي على تويتر قبل استودعكم الله لا تنسوني من دعواتكم، وكان له دعاء غرد به قبل سفره للرحلة الأخيرة قائلاً ”نسألك يا الله تلك الجنّة التي لا حزن فيها، وذلك النـعيم الذي لا ينقطع، وتلك السعادة الأبدية التي لا تزول".
هو الإعلامي والمذيع المعروف فهد الفهيد له من الإخوة الذكور أخان ومن الإناث أربعة ولد في بداية الثمانينات الميلادية، تعلم القرآن ونشأ نشأة دينية وأحب الإعلام فتخصص فيه وتخرج من جامعة الإمام محمد بن سعود، احترف التسويق والإعلام والتدريب وعمل في التلفزيون والصحافة ومواقع التواصل والاستشارات الخاصة.
وحصل "الفهيد" على درجة الماجستير في تخصص التسويق من جامعة برونيل في لندن وامتهن التدريب، وبرع في دورات التسويق وإدارة الأعمال وتطوير الذات صدر له كتاب ذاتك علامة تجارية وكان شغوفًا لإصداره قبل نهاية عام 2017 وقبل وفاته بسبعة أشهر.
يقول عنه شقيقه الأكبر محمد: "فهد أصغرنا سنًا ولكنه أكبرنا تطلعًا، وسرد سيرة شقيقه فهد العملية. وأضاف: عمل فهد في قناة المجد الفضائية ثم أصبح مدير القناة في زمن قصير وعمل في إذاعة الرياض والقناة السعودية الأولى وصحيفة الرياض وسبق ويستطرد شقيقه محمد كلما التقيته بادرني بفكرة ومبادرة ومشاركة.
يجمع العائلة
يتحدث شقيقه في مآثره ويقول فهد كان يجمع العائلة ويتحدث إلى الجميع ويقيم الولائم ويدعو الأسرة كلها هو من يجمع الشمل ويحضر المناسبات العائلية والأعراس.
صديقه يكشف الأسرار
محمد الحسن الصديق المقرب لفهد الفهيد تحدث بصوت متحشرج، لم يوقفه إلا الدموع: في البداية لم أعرف فهد وإنما كان صديقًا لأخي الأكبر عبدالرحمن بجامعة الملك سعود ثم التقينا عدة مرات وصرنا أصدقاء منذ 15 عامًا تحديدًا ولكن العلاقة كانت أقوى معه خلال آخر خمس سنوات كنا نلتقي أسبوعيًا ويوميًا وعملنا كثيرًا في أعمال مشتركة متخصصة في الإعلام والحملات الإعلامية والتقينا في أبوظبي قبل سفره الأخير إلى لندن.
وصف الحسن صديقه الفهيد: لم يكن صديقًا فقط بل كان أبًا وأخًا وحبيبًا ووسط الدموع يقول الحسن رأيت الإنسانية فيه رأيت محبة الناس.. ويقول الحسن إن فهد كان يتحرك دائمًا لفائدة الناس وكثير منهم لا يعرفهم شخصيًا يوظف ويشفع ويفعل الخير لمن يعرف ومن لا يعرف. ويلفت الحسن إلى أن أصدقاء فهد لم يكونوا إعلاميين فقط بل كل فئات البشر من العامل إلى الأمير والشيخ.
لقاء الأم
يضيف الحسن: هنا موقف لا يعرفه إلا القليلون قبل الرحلة الأخيرة إلى لندن كان في جولة أوروبية مع عائلته وعند العودة وكانت يوم الجمعة وهم بمطار هولندا قالت له زوجته كيف تسافر غدًا إلى لندن مرة أخرى سافر من هنا ونحن نعود ومعي أخي.. رفض فهد على الرغم من أنه سيمكث ليلة فقط بالرياض وأصر إصرارًا غريبًا على العودة فقط ليقبل أمه لأنه اشتاق إليها.
تابع: ووصل الرياض وذهب لأمه وودعها وعاد للمنزل يحمل أغراضه وينطلق مجددًا إلى لندن في الرحلة الأخيرة، وفيها نشر صورة له وهو بالمطار وكان وجهه غريبًا للغاية لم نعهده من قبل وفسرنا أنه إرهاق السفر ولكن ما شككنا أكثر هناك شيء هو مطالبته لنا بالدعاء له واللقاء في الجنة كان وجهه يحمل ألف قصة وقصة وتواصلت معه على تويتر ولم يرد عليّ ولكنه رد على زميلنا هيثم الدويش بقوله صباح الجنة.
ليلة الحادثة
ويضيف: اتصل بي زميل فهد من لندن يطلب رقم عبدالله شقيق فهد هنا تسمرت وقلت له فهد توفي قل لي رد بقوله أبدًا إنه حي يرزق ولكن حدثت له حادثة وهو الآن بالمستشفى وأرسلت له رقم عبدالله الفهيد وتابعه الدكتور السليمان من الرياض وكنا جميعًا نتابع الأخبار من الدكتور ساعة بساعة حتى توقف رد الدكتور يوم الأحد ولم يرد على اتصالنا حتى يوم الاثنين أعلن عن وفاة فهد وكنا ننوي الذهاب إليه للندن ولكن لم يشأ الله وأصررت على تقبيله قبل الصلاة عليه.
الأم
يتذكر الحسن أهم شخصية تأثر بها فهد وتؤثر عليه أنها الوالدة حفظها الله كانت الخط الأحمر له يلغي مواعيد ويرفض أعمالاً ويترك اجتماعات من أجل أمه ورؤيتها.
المستشفى
يقول الحسن إنهم بعد معرفة خبر الوفاة كان الشغل الشاغل للجميع هو كيف يبلغون أمه بالخبر واتفقوا على أن يذهبوا بها للمستشفى لقياس السكر وهناك يبلغونها حتى يتم تدارك التداعيات ولكن عرفت وشعرت بالخبر ولم تقل إلا "فهد ما يعوض ... فهد ما يعوض".
رثاء تويتري
وفور إعلان وفاته تحول موقع تويتر في السعودية إلى ساحة رثاء وعزاء غير مسبوقة في الفهيد، الوسط الإعلامي وغير الإعلامي يستذكر مواقفه الإيجابية ووقفاته مع الآخرين وابتسامته الطيبة ووجهه المبتسم وروحه الطيبة ومبادرته للخير.
"الرؤساء" يتذكر
يقول إبراهيم الرؤساء أحد الأصدقاء المقربين للراحل فهد الفهيد بدأت علاقتنا منذ 15 عامًا جمعتنا الصحافة والإعلام ومحطات الإذاعة والتلفزيون كنا صديقين حميمين أستطيع أن أقول إن فهد كان نموذجًا للإخلاص والعطاء والتفاني والمهنية.
واسترجع الرؤساء مواقف عديدة للفهيد أبرزها ولا يعرفه الكثيرون كنت أعمل في جامعة الإمام وكلفت بمهمة كبيرة وحالت الظروف دون وجودي ولم يتسن لي الاعتذار ولم أجد إلا فهد اتصلت به رد وقال لي أنا في مطار دبي وشرحت له الموقف قال لي "ما عليك" قلت كيف قال أنا راجع وسأحضر بدلاً منك وحضر بدلاً مني ولم أصدق ولكن هذا هو الفهيد لم يكن صديقًا فحسب بل كان أخًا وزميلاً وأبًا هذه من ضمن مواقفه التي لا تعد ولا تحصى.
قالوا عنه
المذيع عبدالله الشهري كتب في حسابه "فجعني خبر وفاة فهد الفهيد الشاب الذي كان يتقد طموحًا وتألقًا جمعتنا مناسبات وفعاليات في كل مرة كنت ألتمس تطورًا وإضافات في علمه وعمله.
الإعلامي سلمان الدوسري كتب عرفناه رجلاً محبًا للخير راقيًا خلوقًا متواضعًا وفوق ذلك ابتسامة لا تفارق محياه. فقيد الجميع وليس أسرته فقط اللهم نسألك أن تغفر له وترحمه وتدخله فسيح جناته.
الدكتور محمد العلم الزهراني كتب لم أقابل أبا عبدالرحمن قط إلا وهو مبتسم ومتفائل مهما كان مثقلاً بالهموم اللهم ارحمه واغفر له واجمعه بأبيه في الفردوس الأعلى من الجنة.
وكتب الإعلامي مفيد النويصر: رحم الله فهد الفهيد الخلوق البشوش المحترف مهنيًا صاحب القلب النقي وألهم ذويه الصبر والسلوان.