تأسست العلاقات السعودية-البولندية على مبادئ التفاهم والصداقة المستدامة بين الشعبين الصديقين، وكان ذلك عام 1930، الذي شهد بداية العهد الجديد للعلاقات بين البلدين، وتحديدًا مع بداية تأسيس السعودية في عام 1929م؛ إذ اعترفت بولندا رسميًّا بالملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حاكمًا على الحجاز ونجد وملحقاتها؛ وبالتالي تكون بولندا الدولة الثامنة في العالم التي تقوم بذلك؛ وأقامت علاقات رسمية معها.
ويرجح علماء التاريخ جذور التواصل بين السعوديين والبولونيين إلى القرن الثامن عشر الميلادي؛ إذ توجد مخطوطة باللغة اللاتينية، كُتبت من قِبل كاتب بولندي، أشار فيها إلى وصوله إلى مكة المكرمة في القرن الـ18 الميلادي.
وبعدها، وحسب الوثائق المدونة، قام أحد النبلاء البولونيين، ويُدعى فاتسواف جيفوسكي (1784–1831)، في عام 1817 ميلاديًّا بجولة في منطقة الشرق الأوسط، شملت منطقة نجد؛ لشراء أجود أنواع الخيول العربية، ثم في عام 1844 قام أيضًا أحد النبلاء البولونيين، ويُدعى ييجي جيفوشيتسكي، أثناء جولته في منطقة الشرق الأوسط، بزيارة إلى مدينة حائل؛ إذ اقتنى عددًا من الخيول العربية.
وإلى جانب ذلك، فقد شهد هذا القرن وصول عدد من الـرحالة البولونيين إلى شبه الجزيرة العربية.
وفي مايو عام 1930م استقبل الملك عبدالعزيز وفدًا بولنديًّا رسميًّا، برئاسة نائب مدير دائرة شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البولندية النبيل إدوارد راتشينسكي، الذي أصبح فيما بعد سفيرًا ووزيرًا للخارجية البولندية ورئيسًا لحكومة المنفى البولندية أثناء احتلال بولندا من قِبل النازية في الحرب العالمية الثانية.
في المقابل، قام الملك فيصل بن عبدالعزيز في عام 1932م بزيارة إلى بولندا بصفته وزيرًا للخارجية ورئيسًا لمجلس الشورى آنذاك، وتم في غضون تلك الزيارة الاتفاق على التعاون المشترك بين البلدين في المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية.
وقد مُنح الأمير حينذاك وسام جمهورية بولندا من الدرجة الأولى، الذي يطلق عليه وسام النهضة البولندية (Polonia Restituta)، ثم وقعت الحرب العالمية الثانية عام 1939م، التي دامت حتى عام 1945م، بعدها قُطعت العلاقات بين البلدين بعد أن أصبحت بولندا في المعسكر الشيوعي، ثم عادت الاتصالات رسميًّا في عام 1989م بعد انهيار الشيوعية، واستعادة بولندا استقلالها وسيادتها الكاملة.
ومنذ ذلك الحين توالت الاتصالات المنتظمة بين وزارتَي الخارجية في البلدَين إلى أن قامت العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 1995م.
كما زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وارسو في 2007. وخلال الزيارة عقد الملك عبدالله ودولة رئيس وزراء بولندا اجتماعًا، جرى خلاله استكمال بحث الموضوعات المشتركة في كل المجالات. وأكدت هذه الزيارة عمق العلاقات السعودية – البولندية، ولاسيما أنها صادفت مرور 75 عامًا على بداية هذه العلاقات.
كما جرى خلال الاستقبال استعراض سبل تنشيط وتفعيل العلاقات بين البلدين في مجال التعليم العالي.
واستمع خادم الحرمين الشريفين إلى شرح وافٍ عن مركز الملك عبدالله لتشجيع الحوار والتبادل الثقافي في مدينة ياني كوفو، وذلك على مجسم للمركز الذي أُنشئ بمبادرة من أهالي المدينة بعد عملية فصل التوأم السيامي البولندي أولغا وداريا، اللتين تنتميان للمدينة، تثمينًا من أهالي المدينة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الكريمة بإنهاء معاناة التوأم السيامي، وفصلهما على حسابه الخاص.
وتفضَّل خادم الحرمين الشريفين بتدشين المركز الذي خُصصت له مدرسة عريقة في المدينة، وتم تحويلها وإعادة إنشائها لتكون مقرًّا لهذا المركز على أرض تبلغ مساحتها ألفَيْ متر مربع.