قصة مسلة تيماء.. نقلها الفرنسيون قبل 135 عاماً لتستقر في اللوفر
تعد علاقة المملكة العربية السعودية بالجمهورية الفرنسية تاريخية وراسخة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز وحتى اليوم حيث تشهد تطوراً في مختلف مجالاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والدفاعية وبالإشارة لقِدم العلاقات من الناحية الثقافية فكانت عن طريق الآثار.
ويؤكد مدير مكتب الآثار بمحافظة تيماء محمد بن حمد النجم بأن مسلة تيماء التي نقلها الفرنسيون قبل حوالي مئة وخمسة وثلاثين عاماً، هي أحد الشواهد الكبيرة على وجود تواصل ثقافي، مشيراً أن زيارة سمو ولي العهد لفرنسا هي غاية في الأهمية ولا شك بأنها ترمي إلى خدمة هذه البلاد ومواطنيها.
علم الآثار والترابط مع الدول :
وقال النجم " دائما ما يتحدث أرباب الفكر عن علم الآثار كأحد العلوم التي تربط بين الشعوب ، وتؤكد مقدار التأثير والتأثر ، والترابط مع الدول والحضارات ، إذ من المستحيل أن تجد حضارة تنفرد بخصائص معينة لا يوجد ما يماثلها أو يتشابه معها من حضارات اخرى ، وحتى تلك الحضارات العاتية كحضارة وادي النيل ، أو حضارة وادي الرافدين أو حتى حضارة الجزيرة العربية تجد فيها من العناصر الحضارية التي جاءت من شعوب اخرى ؛ سواء تباعدت هذه الحضارات أو تقاربت ، بل إننا وعندما ننظر إلى الطفرات الحضارية مثل اكتشاف الزراعة أو اكتشاف النار ، أو حتى الثورة الصناعية في أوروبا ، لم تأت صدفة أو اختراعا خاصا أو بقي منحصرا في مكان حدوثه ، بل إنه اعتمد على إرهاصات منها ما جاء من شعوب اخرى ، وأيضاً لا يمكن أن يتقوقع بل لابد أن ينتشر ويمتد مباشرة إلى الأمم الأخرى ، لتأخذه وربما طورته ، وجعلت منه عالميا تستخدمه الشعوب وتتوارثه الأجيال .
الموروث السعودي في فرنسا
ويؤكد مدير مكتب الآثار بمحافظة تيماء بأن مسلة تيماء التي نقلها الفرنسيون قبل حوالي مئة وخمسة وثلاثين عاماً، هي أحد الشواهد الكبيرة على وجود تواصل ثقافي، مبيناً أن هذه المسلة تترجم عمق الثقافة الفرنسية، وأهمية الموروث السعودي، سيما وهي ومع مجموعة من الآثار التي خرجت من تيماء تعرض في أحد قاعات متحف اللوفر الشهير، وهي التي دونت بالخط الآرامي، أو ما يعرف بالآرامية الدولية التي ازدهرت قبل ما يزيد على الثلاثة آلاف عام، وانتشرت كخط دولي رسمي دونت به الأمم أنشطتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية.
مدائن صالح:
وقال النجم " هناك تعاون مع الفرق العلمية من كثير من الدول ، ومن ضمنها فريق معهد الآثار الفرنسي الذي يجمع خبراء سعوديون بخبراء فرنسيين ، والذي يقوم بأعمال ضخمة حاليا وبمجهودات كبيرة من لدن الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في موقع مدائن صالح قرب واحة العلا التاريخية وهذه الأعمال أنتجت الكثر من الدراسات وأفرزت للجميع نتاجا علميا مميزاً
وتابع " وتم جمع الكثير من الآثار والمعثورات النفيسة ، إضافة إلى اكتشاف عناصر معمارية مهمة ، لعل اهمها ذلك المدفن الذي لم يتعرض لأي عبث ، وبقي على حالة منذ القرن الأول من الالف الاول الميلادي ، إضافة الى مساكن الانباط ، وكذلك السور الاثري المحيط بمدائن صالح ، وكذلك البوابات الضخمة ، ولعل من المثير حقا أن تفصح التنقيبات عن عدد كبير من النقوش التي دونت بالخط اللاتيني القديم ، كأحد الخطوط الذي انحدر من الخط الكنعاني القديم ، والذي يقترب من الخط الآرامي من حيث الأصل ، والذي يبرز حقيقة ذلك التواصل العظيم ، ما بين حضارة المملكة العربية السعودية وحضارات الأمم الأخرى " .
محافظ العلا :
يشار أن محافظة العلا تمثل نموذجاً حقيقاً للتبادل والتفاعل بين الثقافات ، ويعود تاريخ ظهروها إلى 5000 سنة ، وتضم بين جنابتها الحضارة النبطية " مدائن صالح " التي حكمت في مفرق طرق المهم على طريق البخور الذي يربط شبه الجزيرة العربية بأوروبا المتوسطية وأفريقيا وآسيا.