"المعيقلي: ما يجري على العالم اليوم في ظاهره بلاء لكن عسى أن يحمل خيرًا كثيرًا

تحدّث في خطبة الجمعة بالحرم عن "صنائع المعروف تقي مصارع السوء"
"المعيقلي: ما يجري على العالم اليوم في ظاهره بلاء لكن عسى أن يحمل خيرًا كثيرًا
تم النشر في

ألقى أمام وخطيب المسجد الحرام، اليوم الجمعة،الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي خطبة اليوم بعنوان "صنائع المعروف، تقي مصارع السوء".

وقال "المعيقلي": الإيمان بقضاء الله وقدره، ركن من أركان الإيمان الستة، ففي صحيح مسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الإيمان قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".

وأضاف: الله جل جلاله قدّر مقادير الخلائق وأرزاقهم وآجالهم، وابتلاهم بالحسنات والسيئات، فِتَنٌ في السراء ومِحَنٌ في الضراء فهذا آدم عليه السلام خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، ثم ابتلاه الله بأكل الشجرة، فأخرجه من الجنة، ثم قال الله تعالى في حق ذريته من بعده: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}.

وأردف: حِكَم في الشدائد والمحن، من المنح والعطايا، وهذه حقيقة لا يوقن بها إلا من رضي بالله حق الرضا، وأحسن الظن به، وحقق صدق التوكل عليه، وفوض الأمر إليه، وكان على يقين وثقة بوعده، وأنه سبحانه لا يريد بعباده إلا الخير والصلاح والفوز والفلاح؛ فقد توافي المضرة من جانب المسرة، والمسرة من جانب المضرة: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

وتابع: ما يجري على العالم اليوم، هو في ظاهره شر وبلاء، ولكن عسى الله أن يجعل فيه خيرًا كثيرًا فكل ذلك بعلم الله وحكمته وقضائه وقدره، والله عند حسن ظن عبده، فالرحيم لا يقدر لعباده إلا الخير، فلا يجزع العبد من قدَر الله، ولا ييأس من رحمته، ولعل هذا المكروه، يكون سببًا لنعمة لا تُنال إلا به {والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، ففي قول الرب جل وعلا: {فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا} دعوةٌ للتسليم لأمر الله، وعلاج للقلق والتشاؤم، وسبب لحصول السكينة والطمأنينة، وليست دعوة لبث الوهن وترك العمل، أو ذريعة للخمول والكسل، فحين نتحدث عن الرضا بقضاء الله وقدره، وتفويض الأمور إليه؛ فلا يفضي ذلك إلى العجز والتواكل وترك الأخذ بالأسباب والتخاذل؛ بل يكون العمل بكل ما في الوسع والطاقة، والوقوف على حد الاستطاعة، من فعل الأسباب التي سخرها الله، ومدافعة أقدار الله بأقداره، ففي صحيح مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفقك، واستعن بالله ولا تعجز).

وقال "المعيقلي": الافتقار إلى الله تعالى، سبيل لمرضاته ومعيته، وباب عظيم من أبواب الفرج، ورفع البلاء وكشف الضراء، فقوة الإنسان وعزه في ضعفه وانكساره لربه؛ ففي يوم بدر أظهر النبي صلى الله عليه وسلم، شدة افتقاره لربه، وحاجته إلى خالقه، ففي صحيح مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض)؛ فما زال يهتف بربه مادًّا يديه مستقبِلًا القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله كفاك فناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}، فأمده الله بالملائكة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org