حياة رخيصة

حياة رخيصة

تم النشر في

يبدو أن وزارة الصحة وصلت إلى مرحلة من التورم والتبلد حد الدرجة التي جعلتها تنظر إلى حياة الناس بشيء من اللامبالاة والإهمال، حتى أمسى الناس يموتون على أسرّتها البيضاء وهم يصرخون بحثًا عن علاج؛ فلا تجد إلا طبيبًا (يداوي الناس وهو عليل).

أقول ذلك بعد أن قرأتُ الخبر الذي نشرته هذه الصحيفة بعنوان (أسرة مريض الطائف "الجابري" تعلن وفاته قبل تحويله)، وفيه أعلنت أسرة عالي الجابري وفاته على السرير الأبيض بعد أن ناشدت وزارة الصحة ليومين متتالين سرعة نقله إلى أحد المستشفيات المتخصصة لإصابته بالتهاب رئوي حاد. وكنتُ قرأت وسمًا لأقاربه على (تويتر) أيضًا، يطلبون فيه تدارُك حياة الجابري -رحمه الله- لانغلاق الطرق أمام علاجه في الطائف، ومع ذلك لم يخرج أحد من الوزارة يعتذر عن عدم العلاج، أو يبرر رفضهم على الأقل.

ومن المحزن أن تعجز وزارة الصحة بميزانيتها الضخمة عن إسعاف مريض في رمقه الأخير بعد أن ظل يستغيث بهم يومين كاملين، ثم يموت وهو يترقب الأمل الأخير دون أن ترف شعرة من مسؤوليها. والأدهى من ذلك أن يحصل على موافقة لنقله لمستشفى الملك فيصل التخصصي ولا يُنقل إليه، في غياب تام لأولويات الوزارة في علاج المرضى، وتخبُّط واضح في مرجعياتها التنظيمية؛ وهو ما جعلني أسأل وزير الصحة: إذا كان رجل أمن خدم الدولة أكثر من عقدين يموت بهذه الطريقة.. فكيف ببقية المواطنين؟!

لقد ظل هاجس حكومة خادم الحرمين الشريفين توفير الرعاية الكريمة لمواطني هذا البلد، وأنفقت مليارات الريالات على مشاريع تطوير البنى التحتية للمستشفيات ومراكز الرعاية، ونقلت الآلاف للعلاج خارج السعودية، وقدّمت أجمل صور الإنسانية وهي تتكفل بفصل التوائم السياسية، وعلاج ضيوف الرحمن.

لكن يبدو أن لوزارة الصحة رأيًا آخر؛ فقد تناءت المسافة اليوم بين الوزارة والمستفيدين من خدماتها، وأصبح العلاج الذي يأخذونه من صيدليات الصحة غير متوافر لدواعٍ كثيرة، وتباعدت المواعيد في العيادات التخصصية، وأُسندت بعض خدماتها للقطاع الخاص، فضلاً عن المستشفيات التي أُنشئت وتوقَّف العمل بها حتى تآكلت أجهزتها ومعداتها كما هو الحال في مستشفى الليث الجديد الذي أُنشئ قبل 11 عامًا ولم يُفتتح بعد.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org