أكدت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" أن الحكومة السعودية نجحت على مدى الأعوام الثلاثة الماضية في تطوير سوق صكوك محلية "من الصفر" لتصبح "عميقة"، وأنها "تعمل بشكل جيد على نحو متزايد؛ مما سمح لها بالاستفادة من الطلب المحلي والدولي المتزايد على أصول الدخل الثابت المتوافقة مع الشريعة الإسلامية".
وأوضح التقرير الصادر عن الوكالة العالمية أن هذا التطوير بدوره "ساعد في تنويع مصادر تمويلها مقارنة بما كان متاحاً خلال أزمة أسعار النفط في عامي 2015م و2016م، وكذلك تخفيف ضغوط السيولة وسط تضاعف الاحتياجات التمويلية الحكومية هذا العام".
وأشار إلى أن حكومة المملكة، ممثلة في المركز الوطني لإدارة الدين، أصدرت في أبريل 2017م أول صكوك سيادية دولية (متعددة الشرائح) بقيمة تسعة مليارات دولار، ثم أنشأت برنامجاً محليًا للصكوك المقومة بالعملة المحلية في يوليو 2017م، وبحلول عام 2019م وصلت حصة الصكوك من إجمالي التمويل الحكومي إلى أكثر من 50٪؛ لتصبح المملكة العربية السعودية أكبر مُصدر سيادي للصكوك طويلة الأجل، حيث تجاوز إجمالي إصدارات الصكوك المحلية والخارجية السعودية 61 مليار دولار خلال الفترة 2017-2019م، متجاوزةً كلاً من ماليزيا وإندونيسيا اللتين كانتا رائدتين في تصدير الصكوك السيادية لأكثر من عقد من الزمن. وأضاف أنه "في ١٧ من سبتمبر 2020م طرحت حكومة المملكة إصدارها الشهري المعتاد في إطار برنامج الصكوك المقومة بالريال السعودي؛ وبذلك وصل حجم الإصدار المحلي من الصكوك منذ بداية العام الجاري حتى هذا التاريخ 84 مليار ريال (22.4 مليار دولار)، بزيادة كبيرة قدرها 45٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي".
وأضاف أنه "اعتباراً من نهاية عام 2019م، كان لدى المملكة العربية السعودية ثاني أكبر مخزون من الصكوك الحكومية طويلة الأجل المستحقة، وإحدى أكبر حصص الصكوك في إجمالي الدين الحكومي؛ وبناءً على توقعاتنا للإصدار لعام 2020م؛ فمن المرجح أن تتفوق المملكة العربية السعودية على ماليزيا باعتبارها الدولة السيادية التي تمتلك أكبر مخزون من الصكوك الحكومية طويلة الأجل المستحقة، ومن المرجح كذلك أن تزيد حصتها من الصكوك في إجمالي الدين الحكومي إلى نحو 45٪ على نحو مماثل لماليزيا والثانية بعد الشارقة".
وتوقعت (موديز) أن "يتضاعف إجمالي إصدارات الصكوك الحكومية هذا العام إلى نحو 40 مليار دولار مقارنة بـ21 مليار دولار في عام 2019م؛ استناداً إلى اتجاهات هذه الإصدارات حتى الآن؛ فخلال الفترة من يناير إلى سبتمبر، أصدرت الحكومة السعودية نحو 84 مليار ريال (22.4 مليار دولار) من خلال برنامج الصكوك المقومة بالريال، بزيادة قدرها 45٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ويرجع ذلك أساساً إلى عملية إعادة التمويل التي حولت فيها الحكومة 34 مليارريال (9 مليارات دولار أمريكي) من السندات المحلية التقليدية القريبة من الاستحقاق إلى صكوك مدرجة بمعدل استحقاق مرجح يبلغ 10.4 سنوات. وفي الوقت نفسه، وضعت الحكومة صكوكاً غير مدرجة في محافظ المؤسسات العامة للاستثمار، والتي نقدر أنها بلغت 45 مليار ريال إضافي (12 مليار دولار)، ليصبح المجموع الكلي لإجمالي إصدارات الصكوك في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2020 م ما يقرب من 35 مليار دولار أمريكي أو أكثر من ضعف حجم الإصدار خلال الفترة ذاتها من عام 2019م، حيث أكدت الوكالة أن جائحة كورونا فرضت رفع سقف الاقتراض والاعتماد على السوق المحلي والتي قدّرت الوكالة أنها سترتفع إلى حوالي 85 مليار دولار في العام 2020م من 41 مليار دولار في العام 2019م.
وأكدت (موديز) أن سوق الصكوك المحلية السعودية "تعمل بشكل جيد وفعال على دعم السيولة الحكومية من خلال السماح بالوصول إلى مصادر تمويل أوسع وأكثر تنوعاً". كما تم تسليط الضوءعلى الطلب المحلي القوي على الصكوك من خلال عملية إعادة التمويل الحكومية في يوليو 2020م؛ حيث تمت إعادة تمويل السندات المحلية التقليدية التي تقترب من موعد الاستحقاق إلى صكوك بعد تقصٍّ عكسي من حَمَلة السندات المحليين، مشيرة إلى استفادة الحكومة، ممثلة بالمركز الوطني لإدارة الدين، من إمكانات هذا النمو "من خلال توحيد جميع الإصدارات المحلية منذ عام 2017م تحت برنامج الصكوك الحكومية المقومة بالريال السعودي، والذي يمثل الآن نحو 85 في المئة من جميع الصكوك الحكومية القائمة".
وأشارت إلى أنه لتسهيل الإصدار المحلي في إطار البرنامج ولزيادة تحسين سيولة سوق الصكوك، أنشأ المركز الوطني لإدارة الدين في شهر يوليو2018م، برنامجاً للمتداول الأساسي للصكوك الحكومية المحلية. وفي أبريل 2019م، خفض الحد الأدنى لحجم الاكتتاب إلى ألف ريال سعودي (267 دولاراً) من مليون ريال (266666 دولاراً) لتسهيل مشاركة الأفراد والسماح للصناديق المشتركة بإنشاء صناديق صكوك حكومية مخصصة، وأنه "نتيجة لذلك؛ تحسنت سيولة سوق الصكوك المحلية بشكل كبير خلال العامين الماضيين، مع ارتفاع العوائد في تداول الصكوك والسندات المحلية في السوق المالية السعودية (تداول) إلى نحو 70 مليار ريال سنوياً خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2020م من نحو عشرة مليارات ريال فقط في عام 2019م وأقل من مليار ريال في عام 2018م.
كما تمكنت الحكومة من تمديد الفترات في إصدارات الصكوك المحلية بشكل كبير إلى متوسط مرجح يبلغ 17 عاماً تقريباً في عام 2019 م من نحو ستة أعوام في عام 2018 م؛ مما قلل من مخاطر إعادة التمويل من خلال إطالة أجل استحقاق الإجمالي للدين الحكومي. كما أنه منذ عام 2019م، تقوم الحكومة بإصدار صكوك بمدة تصل إلى 30 عاماً، والتي تمثل حالياً نحو 15 في المئة من جميع الصكوك المحلية القائمة. وفي أغسطس 2020م وافقت هيئة أسواق المال على قرار يسمح لغير المقيمين بالاستثمار مباشرة في أدوات الصكوك المحلية المدرجة وغير المدرجة؛ مما سيعمل على تحسين سيولة السوق الثانوية من خلال دعم التوسع التدريجي لقاعدة المستثمرين في السعودية، خصوصاً عندما يصبح من الممكن تسوية المعاملات في الصكوك المحلية من خلال أحد أهم مودعي الأوراق المالية المركزيين الدوليين.