جاء لقاء سمو ولي العهد بالإمبراطور الياباني الجديد؛ لتشكل حقبة جديدة من العلاقات السعودية مع أباطرة اليابان، فهذه المرة الأولى التي يلتقي فيها الأمير محمد بن سلمان بالإمبراطور ناروهيتو، بعد اعتلائه عرش الأقحوان قبل شهرين.
ولتولي الإمبراطور ناروهيتو الحكم في بلاده قصة، كما كان لزواجه من قرينته الحالية قصة مثيرة أخرى نتعرف عليهما من خلال السطور التالية.
قصة الحكم
جرت العادة ألا يعتلي ولي عهد الإمبراطور عرش الأقحوان إلا بعد وفاة والده الإمبراطور، ولكن الأمور تغيرت للمرة الأولى منذ قرابة 200 عام؛ حينما أعلن الإمبراطور الوالد أكيهيتو عن تنازله عن العرش لولي عهده ناروهيتو؛ وذلك لتقدمه في العمر وظروفه الصحية التي تمنعه من أداء واجباته.
وفي الأول من مايو من العام الحالي نُصب ولي العهد ناورهيتو إمبراطوراً جديداً لليابان بعد تنازل والده عن العرش ليبدأ حقبة جديدة من عهد اليابان باسم "تناغم جميل" بعد ثلاثة عقود من عهد "استكمال السلام".
قصة الـ7 سنوات
أما عن زواج الإمبراطور ناروهيتو بالإمبراطورة ماساكو أوادا، فتلك قصة أخرى، بدأت بالصعوبات والعقبات، ولكنها تكللت في النهاية كأي قصة جميلة بالنجاح. فمنذ لقائهما الأول في القصر الإمبراطوري أثناء حفل استقبال أقيم على شرف الأميرة الإسبانية إيلينا عام 1986م، وقع الإمبراطور - الذي كان لا يزال أميراً في الأسرة الحاكمة حينذاك – في حب "ماساكو" التي كانت تعمل في السلك الدبلوماسي آنذاك، وخطفت الفتاة اليابانية قلب الأمير، فهي فتاة ذكية تتحدث اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية بطلاقة وتأخذ عملها الدبلوماسي على محمل الجد.
فبدأ الأمير الشاب يفكر جدياً بمصارحة الدبلوماسية الحسناء بمشاعره تجاهها، ولكن في عام 1988، اضطر والد ماساكو، الدبلوماسي هيساشي أوادا، للسفر إلى باريس حيث عين سفيراً لبلاده لدى منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي. وأما ماساكو فغادرت اليابان إلى بريطانيا لدراسة العلاقات الدولية. وعند اطلاع عائلة ماساكو بشكل غير رسمي على نية ولي العهد متابعة الاتصال بها، كان ردهم سلبياً.
لا تراجع ولا استسلام
ولكن الأمير الشاب لم يستسلم لذلك، ولم يتراجع عن خطته، وبدأ في كتابة رسائل غرامية إلى "ماساكو"، وفي إحدى رسائله باح لها بولعه بها، فكتب: "في داخلي شيء ما يحترق"، وصار يرسل لها أشعاراً من تأليفه، كما غير من تسريحة شعره كي يبدو أكثر أناقة وعصرية، ولينال إعجابها، ولكن الدبلوماسية الشابة أبت أن تتجاوب مع مشاعر الأمير، فهي لم تعتد حياة التقيد والتقاليد التي تفرضها التقاليد الإمبراطورية العريقة، كما أن حياتها الخاصة لا تتناسب مع طبيعة الدور الذي تؤديه إمبراطورة اليابان.
عقبة جديدة
لكن مع مرور الوقت، أدى تصميم "ناروهيتو" على كسب مودة "ماساكو" وتليين موقفها، ولكن عقبة جديدة برزت أمام تحقيق زواجهما. إذ اكتشف مساعدو الإمبراطور "أكيهيتو" أن جد "ماساكو" لأمها، الصناعي يوتاكا إيغاشيرا، متورط في دعوى قضائية متعلقة بكارثة التلوث في خليج ميناماتا، أخطر حادث تلوث صناعي في تاريخ اليابان. إذ كان جد "ماساكو" رئيساً لشركة "شيسو" التي أدى تسرب الزئبق من مصانعها إلى تسمم وموت آلاف اليابانيين نتيجة تناولهم السمك الملوث. وشعر مساعدو الإمبراطور أن هذه القضية قد تؤثر على صورة ولي العهد ونصحوا الأمير بالتوقف عن الاتصال بـ"ماساكو".
الفصل الأخير
وعندما تبين لمساعدي الإمبراطور أكيهيتو أن جد ماساكو غير مسؤول عن كارثة ميناماتا، ولن يتعرض لملاحقة القانون الجزائي، خضعوا لرغبة الأمير ناروهيتو وأرسلوا عرضاً للزواج بواسطة طرف ثالث إلى عائلة أوادا في مايو عام 1992، وجرت لقاءات ما قبل الخطبة بين "ناروهيتو" و"ماساكو"؛ حتى تكللت المساعي بالنجاح، وتمت الخطبة، وبعدها الزواج في عام 1993 بعد 7 سنوات من أول لقاء بين الحبيبين، وأسدل الستار على الفصل الأخير من قصة زواج الإمبراطور.