توقّعت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال، الأحد الماضي، أن يشهد العالم ركودًا اقتصاديًّا خلال 2020، مع تصاعد انتشار وباء كورونا، وتراجع النمو الاقتصادي بشكل حاد؛ بسبب تقلبات الأسواق وزيادة الضغط على مستويات الائتمان، وأوائل شهر مارس الحالي، أعلن خبراء اقتصاد تابعون للأمم المتحدة أن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي الناجم عن انتشار "كوفيد-19"، قد تصل إلى انخفاض قدره 50 مليار دولار في صادرات الصناعات التحويلية في جميع أنحاء العالم، خلال شهر فبراير وحده؛ فيما ذكرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن النمو الاقتصادي قد ينخفض إلى النصف في حال استمرار انتشار "كوفيد-19"؛ مما قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى أسوأ حالاته منذ الأزمة المالية العالمية.
وكشف رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس، الاثنين الماضي، أن البنك قد يسخّر موارد تصل إلى 150 مليار دولار على مدى الـ15 شهرًا المقبلة؛ لمساعدة الدول النامية على محاربة جائحة كورونا والتعافي منها، وأمس أقر مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع، مشروع قانون بتريليونيْ دولار لمساعدة العمال العاطلين والصناعات المتضررة من تداعيات "كورونا"، وتوفير مليارات الدولارات لشراء المعدات الطبية التي تشتد الحاجة إليها، ولا تقتصر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تأثيرات وباء كورونا على ما أتى ذكره، كما لا تقتصر على الاقتصاد فحسب فقد ألحق "كورونا" الضرر بكل مجالات الحياة، وشل حياة ما يقرب من نصف سكان العالم، بعد أن أصاب إلى الآن أكثر من 478 ألف شخص، وقتل أكثر من 21 ألفًا.
من واقع تلك الخسائر الهائلة، التي طالت كل القطاعات بسبب الوباء، وبدافع أساسي يتركز على معالجة الآثار المتربة على انتشاره في كافة مناحي الحياة، دعت السعودية إلى عقد قمة استثنائية لمجموعة العشرين؛ فالظروف التي يواجهها العالم باتت "حرجة" كما أوضح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان؛ بسبب "تأثير الوباء على الإنسان والأنظمة الصحية والاقتصاد العالمي"؛ مما تَطَلّب "اجتماع مجموعة العشرين في قمة استثنائية؛ للخروج بمبادرات تُحقق آمال شعوبها، وتعزز دور حكوماتها، وتوحد جهودها لمواجهة هذا الوباء"، وما بين الدوافع التي حدت بالسعودية إلى الدعوة لعقد القمة والأهداف المحددة لها، تنهض السعودية بمسؤوليتها تجاه العالم كدولة تتمتع بثقل دولي وتترأس مجموعة العشرين في دورتها الحالية.
ومن منطلق أن قمة مجموعة العشرين الاستثنائية، تمثل أول تحرك دولي لمواجهة وباء كورونا، الذي يواصل انتشاره بمعدلات متسارعة في ظل عدم التوصل إلى لقاح لمعالجته؛ وهو ما يعني مضاعفة الخسائر الناجمة عن تأثيراته؛ يعول سكان العالم على القمة للخروج بمعالجة شاملة لأبعاد أزمة الوباء، وتخفيف آثاره على قطاعات الحياة كافة؛ لا سيما على المدى الطويل؛ وذلك يشكل صلب ما تسعى إليه السعودية من خلال التجاوب المنسق بين نظرائها في المجموعة في القمة التي تُعقد اليوم (الخميس)، وما يمكن أن ينتج عن التعاون بينها في وضع حلول للأزمة؛ لا سيما مع ما تتمتع به دول المجموعة من ثقل دولي؛ إذ تشكل مجتمعةً، حوالى 80% من الناتج الاقتصادي العالمي، وثلثي سكان العالم، وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية.