في زاويته الرمضانية هنا عن "التطوع"، تحدث البروفيسور طارق الحبيب عن التطوع الأهم، وآلية تدريب الأبناء وغرس المزيد من القيم التي من شأنها أن تقوي عوده، وتصنع منه شخصية اجتماعية منتجه.
وتساءل "الحبيب": ما هو التطوع الاجتماعي؟ هل هو التطوع في الأعمال المجتمعية؟ نظافة شوارع الحي مثلاً؟
وأجاب بالقول: ربما تتساءل: هناك عمال ينظفون، لماذا نزعج أبناءنا في ذلك؟ إن التطوع الاجتماعي يرفع درجة ولائك لوطنك، ولائك لمجتمعك، ولائك لأسرتك، ولائك لأهل حيك، فالاستشعار بالمسؤولية والشعور بها أمر يجب أن نربي أبناءنا عليه، فيشعرون بمسؤوليتهم تجاه منزلهم وأسرتهم ووطنهم.
وأضاف: بعض الأبناء إذا دخل المنزل كأنه داخل إلى شقة مفروشة، وإذا خرج من غرفته تجد كل شيء ملقى على الأرض أو السرير، وإذا مرَّ في الصالة وأمامه أغراض مرمية، يرفع رجله ويقفز ويمشي ولا يقوم برفعها أو تعديلها، مع أنها لا تتطلب منه جهداً يُذكر.
واستدرك قائلاً: لكن في المقابل هناك بعض الأبناء يدخل المنزل وينظر يمنة ويسرة إن لم يجد ما يعمله يسأل أخواته هل ينقصكم شيء؟ يا أمي محتاجة شيء؟! هذا الشعور بالمسؤولية إن كان موجوداً فبها ونعمت، أما المثال الأول من الأبناء فيجب أن ندربه على العمل التطوعي حتى ينمو عنده الشعور بالمسؤولية.
وأردف "الحبيب": لذلك فإن العمل التطوعي الاجتماعي رغم أن بعض الناس يرون أنه أقل درجة من الديني والخيري؛ إلا أنه في نظري أنه هو المفتاح الأساسي للعمل التطوعي الخيري وكذلك الديني، وقد يكون أحياناً هو الأساس وهو صلب التطوع بأنواعه المختلفة، وقد تميزت بعض الدول في العمل الاجتماعي أيما تميز، بل وهناك تفاخر بين الشباب والبنات وكيف يقدمون للمجتمع؟! بل إن بعض أولاد الذوات في تلك المجتمعات يتفاخرون بأعمال تطوع اجتماعية يسيرة؛ لكي يقدم نفسه بطريقة أجمل، ويشعر أن لديه رسالة كبيرة يقدمها للمجتمع بلونه التطوعي الاجتماعي.
وتابع بالقول: في المؤسسات التطوعية يجب إعداد المتطوع في العمل الخيري أو العمل الديني أو غيرها أن يمر بسنة تحضيرية مثل سنة الجامعات، يمر أولاً بالتطوع الاجتماعي، لأن هذا النوع يجعل الإنسان في حالة تأهب مميز للعمل الخيري، وفي حالة تأهب مميز للعمل الديني، وفي حالة تأهب جميل لكل أعمال الخير التي ينشدها منه ذلك المجتمع.
وقال "الحبيب": استشعار المسؤولية في العمل الاجتماعي أعلى من التطوع الخيري العام والتطوع الديني العام لأنه يتجه لكل أحد، يتجه للصغير والكبير والذكر والأنثى، وابن الوطن وغير ابن الوطن والمسلم وغير المسلم وأياً كان دين ذلك الإنسان، وأياً كانت طائفته، فلا طائفة ولا دين للخير، بل يجب أن نبثه في كل مكان نستطيع أن نصنع منه أنفساً جميلة قادرة على كل لون من ألوان التطوع.