يُمثل مشروع منشأة الجمرات في منى نقلة نوعية لخدمة حجاج بيت الله الحرام خلال السنوات الماضية، وجاء تنفيذه قبل 16 عامًا في مشعر منى بمكة المكرمة بأعلى معايير الجودة والمتانة؛ لتسهيل تأدية الحجيج لمناسكهم بطمأنينة ويُسر، ولتوفير أعلى معايير الأمن والسلامة للحجاج أثناء رمي الجمرات، وتجنيبهم المخاطر التي كانت تطرأ بسبب الزحام الشديد الذي كان يحدث في السابق عند رمي الجمرات.
وبالأرقام، تجاوزت تكلفة بناء مبنى الجمرات أكثر من 4.2 مليار ريال "بما يعادل 1.2 مليار دولار"، وتبلغ طاقته الاستيعابية 300 ألف حاج في الساعة، ويصل طوله 950 مترًا وعرضه 80 مترًا، وصمم على أن تكون أساساته متينة قادرة على تحمل الزيادة المستقبلية للحجاج على امتداد 12 طابقًا، وبما يتجاوز 5 ملايين حاج، ويتكون المبنى من 5 طوابق تتوفر بها جميع الخدمات المساندة لراحة ضيوف الرحمن بما في ذلك نفق أرضي لنقل الحجاج بحيث يفصل حركة المركبات عن المشاة، ويبلغ ارتفاع الدور الواحد 12 مترًا.
ويشتمل المشروع على 3 أنفاق وأعمال إنشائية مع إمكانية التطوير المستقبلي، كما يشتمل على 11 مدخلًا للجمرات و12 مخرجًا في الاتجاهات الأربعة، إضافة إلى تزويده بمهبط لطائرات مروحية لحالات الطوارئ وأنفاق أرضية ونظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوي يضخّ نوعًا من الرذاذ على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات؛ مما يسهم في خفض درجة الحرارة إلى نحو 29 درجة.
وشهدت الجمرات منذ إنشائها عام 1974 عددًا من الأعمال التطويرية بتوسعة عرضه إلى 40 مترًا، وبمطلعين من الجهة الشرقية والغربية، ومنحدرين بجوار جمرة العقبة من الدور العلوي من الجهة الشمالية والجنوبية، وذلك لنزول الحجاج. وفي عام 1978 تواصل الاهتمام بتطوير الجسر ليشهد تنفيذ منحدرات من الخرسانة المسلحة إلى المستوى الثاني من الجمرات على جانبي الجسر مقابل الجمرة الصغرى.
وبحلول العام 1982 شهد الجسر توسعة بزيادة عرضه إلى 20 مترًا وبطول 120 مترًا من الجهة الشمالية الموالية للجمرة الصغرى، وفي عام 1987 شهد الجسر زيادة عرضه إلى 80 مترًا وبطول 520 مترًا، وتوسيع منحدر الصعود إلى 40 مترًا بطول 300 متر، وإنشاء خمسة أبراج للخدمات على جانبَي الجسر وتنفيذ اللوحات الإرشادية والإنارة والتهوية؛ حيث بلغت مساحته الإجمالية 57 ألف متر مربع. وفي 1995 شهدت الجمرات عملية تعديل على مراحل مختلفة، ودخل جسر الجمرات مرحلة جديدة من التنظيم والتطوير؛ إذ أُجريت وبشكل جمع بين منظر الجسر وتمثيل حركة الحجاج عليه.
أما في عام 2005 فشملت بنية الجسر وتعديل شكل الأحواض من الشكل الدائري إلى البيضاوي وتعديل الشواخص، وإنشاء مخارج طوارئ جديدة عند جمرة العقبة، وتركيب لوحات إرشادية تشتمل على معلومات لتوعية الحجاج وتحذيرهم في حال التزاحم، وتم ربط الشاشات واللوحات الإرشادية بمخيمات الحجاج مباشرة.
وفي عام 2006 ومع تزايد أعداد الحجاج عامًا بعد آخر تقرّر هدم الجسر بعد أداء مناسك الحج واستبدال بناء منشأة جديدة للجمرات متعددة الأدوار به، لاستيعاب أعداد أكبر من الحجاج، وتسهيل عملية رمي الجمرات.