"حائل الجود والكرم".. حاتم الطائي أيقونة الكرم خلّدته الجاهلية وحيّاه الإسلام

العرب كانت تقول: "السخاء حاتم والشِّعر زهير".. وهذا هو السر في طول قبره
"حائل الجود والكرم".. حاتم الطائي أيقونة الكرم خلّدته الجاهلية وحيّاه الإسلام
تم النشر في

تشتهر مدينة حائل، وهي العاصمة الإدارية والإقليمية لمنطقة حائل، بالجبلين الشهيرين أجا وسلمى، حيث تقع حائل في منطقة جبل أجا غربي وادي الأديرع وفي قلبها تقع بئر سماح المشهورة بغزارة وعذوبة مياهها، وتمتد المدينة على شكل قوس حول جبل السمراء، يحدها شرقًا وادي المليح المعروف باسم شعيب المليحية، ويحدها من الشمال والغرب جبل أجا.

واشتهر الحائليون بالكرم وفيهم قيل "أكرم من حاتم الطائي"، وهي مقولة شهيرة لرجل عاش في القرن السادس وبلغت سمعته بلاد الهند وطالت بلاد الروم، وذكره النبي محمد ﷺ في بعض الأحاديث، وكان الجود والكرم صفات متأصلة فيه وفي قومه، فحاتم الطائي أمير طيئ من أشهر شعراء العرب في الجاهلية قبل الإسلام، فإلى جانب ضلوعه في الكرم والسخاء، كان ضليعًا في الشعر، لكنه يُعد أشهر العرب بالكرم والشهامة، كما يُعد مضرب المثل في الجود والكرم.

وكانت العرب تقول: "السخاء حاتم، والشعر زهير"، بمعنى أن الكرم كرم حاتم الطائي والشعر شعر زهير بن أبي سلمى، ويقع قبر حاتم الطائي اليوم في بلدة توارن شمالي حائل، والذي يشتهر بمظهره الخارجي عن بقية القبور، ويبعد نحو 50 كيلو مترًا عن مدينة حائل، وهي البلدة التي عاش بها حاتم بن عبدالله بن سعد بن آل فاضل بن امرؤ القيس بن طيئ، حياته، وهي بلدة تقع بين جبلي "أجا وسلمى".

وأرجع بعض المؤرخين كون قبر حاتم الطائي طويلًا جدًا بخلاف بقية القبور، من أن العصر الجاهلي كان يشتهر بعادات مستحكمة وتقاليد، من بينها توسيع وإطالة القبور لرموز وعلية القوم؛ وذلك لقيمتهم الاجتماعية وقدرهم أثناء حياتهم وما حققوه من إنجازات خاصة في الكرم والشجاعة وإغاثة الملهوف وحماية المستجير وفك الأسير، وكان من بين هؤلاء حاتم الطائي.

وعاش حاتم في القرن السادس الميلادي، كما عاشت معظم شخصيات قصص ألف ليلة وليلة في القرن السادس، ومن أشعاره في الكرم ومكارم الأخلاق:

ولا تشتري قِدري إذا ما طبختها

عليّ إذا ما تطبخين حـرام

ولكن بهذاك اليفاع فـأوقـدي

بجزل إذا أوقدت لا بضرام

وقال أيضًا:

وقائلة: أهلكت بالـجـود مـالـنـا

ونفسك حتى ضرَّ نفسك جودها

فقلت: دعيني إنما تـلـك عـادتـي

لكل كريم عـادة يسـتـعـيدهـا

وقال لغلامه يسار، وكان إذا اشتد البرد في الشتاء أمر غلامه فأوقد نارًا في بقاع من الأرض، لينظر إليها من أضل الطريق ليلًا، فيقصد نحوه:

أوقد فإن الليل لـيل قـر

والريح يا واقد ريح صر

علّ يرى نارك من يمـر

إن جلبت ضيفا فأنت حر

ووقع ذات يوم حاتم أسيرًا، فقالت له امرأة ممن أسروه: قم فافصد لنا، والفصد هو أن يقطع عرقًا من الناقة ويأخذ دمها فيشويه، فقام حاتم وذبحها فلطمته المرأة، فقال: لو غير ذات سوار لطمتني، فقالت له النسوة: لقد قلنا لك أفصد الناقة، فقال حاتم: هكذا فصدي.‎

وتم ذكره في عدة أحاديث شريفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عدي بن حاتم قال: قلت لرسول الله: إن أبي كان يصل الرحم ويفعل ويفعل، فهل له في ذلك من أجر؟ قال: "إن أباك طلب شيئًا فأصابه"، أي الشهرة والذِّكر.

وعن عدي بن حاتم قال: قلت يا رسول الله: إن أبي كان يصل الرحم، وكان يفعل ويفعل، قال: "إن أباك أراد أمرًا فأدركه".

ويفصل قرية توارن عن مدينة حائل، حاليًا، 55 كيلومترًا فقط، وهذه القرية التي تقع بين ضفاف وادي في عمق السفح الشمالي الغربي من جبل أجا، ولا تزال آثار "حاتم الطائي" باقية حتى اليوم، فيوجد بمدخل القرية حصن لا تزال أطلاله واقفة ويقال إنه كان قصرًا لحاتم.

وفي وسط القرية توجد أطلال قصر من الطين وبالقرب منه مقبرة صغيرة تحتوي على قبرين مفرط في طولهما إذ يبلغ طول أحدهما 9.5 متر والآخر 7.25 متر، ويعتقد أهالي القرية أن الأخير هو قبر حاتم الطائي، والآخر لابنته التي يُعتقد أنها أدركت الإسلام.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org