على مدار ستين عامًا شكَّل معهد الإدارة العامة حلمًا كبيرًا لموظفي القطاع الحكومي في السعودية، حتى اعتُبرت الدورة الواحدة فيه كفيلة بتحديد مستقبل الموظف في الصعود كل أربع سنوات لمرتبة أعلى وفق ما حصده من أيام دورات. وتتصاعد الأحلام وتتعاظم الآمال في مَن سيكون له الأفضلية ليكون منتدبًا في أحد مقاره الثلاثة، في مركزه الرئيسي في العاصمة، أو بفرعَيْه بجدة والدمام، حتى أصبح الحراك التجاري في حي الملز بالرياض وحي البغدادية في جدة على وجه الخصوص رهينة لبدء الموسم التدريبي فيه؛ ليكون مصدر فخر تدريبي للمملكة، وصاحب أفضل مخرجات عملية في القطاعَيْن العام والخاص في المجالات التدريبية الإدارية، والمالية، والتنفيذية، مع الانضباطية الكاملة في الحضور، حتى أصبح اسمًا مميزًا في صرامة الالتزام دون مجاملة، مستمدًّا قوته من برامجه التدريبية، وحصر الاعتراف الرسمي بالترقيات إلا بما يتم الحصول عليه من دوراته لارتباطه حينها بوزير الخدمة المدنية إداريًّا، منطلقًا بأهداف أربعة، أهمها رفع كفاية موظفي الدولة، وإعدادهم علميًّا وعمليًّا لتحمُّل مسؤولياتهم، وممارسة صلاحياتهم على نحو يكفل النهوض بمستوى الإدارة، ويدعم قواعد التنمية الإدارية، إضافة لدعم جهود الإصلاح والتطوير الإداري.
واليوم مع إلغاء وزارة الخدمة المدنية لتصبح مع وزارة العمل بمسمى موحد (وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية) كجهة واحدة، تهتم بالعاملين في كل القطاعات، أصبح من اللازم النظر في استثمار انتشار الكليات التقنية في كل أنحاء السعودية في المدن والمحافظات؛ لتكون محاضن تدريبية مماثلة لما يقوم به معهد الإدارة الذي أصبح عاجزًا عن توفير قاعات للمتدربين الحكوميين حتى عبر التقنيات الحديثة؛ إذ لم تكن القاعات في مقاره تستوعب أكثر من 25 متدربًا؛ لترتفع خمسة مقاعد فقط عبر القاعات الافتراضية هذه الفترة بإجمالي 30 مقعدًا للقاعة الواحدة؛ وهو ما يعني أن كل موظف أو موظفة في القطاع الحكومي ستكون فرصته دورة واحدة خلال مدة لا تقل عن 3 سنوات، وتصل إلى خمس سنوات.
بخبرة المعهد، وعمق تأثيره في جيلين من العاملين في القطاع الحكومي، لديه سقف مرتفع الطموحات ليكون أكاديمية تدريبية عالمية في الإدارة، والمالية، والأعمال التنفيذية، بشهادات عليا، تنافس كبرى الجامعات والأكاديميات العالمية، وتمنح الكليات التقنية المنتشرة فرصة تدريب الموظفين في المجالات التي تتنوع التخصصات فيها في أقسام التقنيات الإدارية، والحاسب الآلي، التي تمثل مجمل الدورات التي يتزاحم عليها الموظفون؛ وهو ما يتيح لكل موظف وموظفة فرصة تدريب وتطوير سنوي، يمثل تأثيرًا في تقييم أدائه السنوي، مع توفير الفرص التدريبية.
فمعهد الإدارة العامة والكليات التقنية أصبحت ذات مرجعية واحدة؛ وهو ما يسهل التعاون واستثمار الكفاءات الوطنية في كل الكليات التقنية للرفع بمستوى الموظف الحكومي.