تواصل "سبق" نشر حلقات الهجرة النبوية الشريفة وبناء وعمارة المسجد النبوي الشريف، حيث تتناول الحلقة الثالثة مرحلة إعداد موقع المسجد للبناء حيث حرص الرسول صلى الله عليه وسلم منذ اللحظة الأولى لوصوله للمدينة المنورة في بناء مركز الدعوة الإسلامية والمتمثل في بناء المسجد.
وقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار سيدنا أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه حتى فرغ من بناء مسجده صلى الله عليه وسلم وداره، وقد استغرق بناؤهما حوالي 7 أشهر أي حتى شهر شوال من عام 1 هجري.
إعداد الموقع للبناء
ويقول المهندس حسان طاهر المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة عن مرحلة إعداد موقع المسجد للبناء، إن موقع المسجد كان آنذاك مربداً لغلامين يتيمين من بني النجار اسمهما سهل وسهيل فدعاهما النبي صلى الله عليه وسلم وساومهما بالمربد يريد شراءه ليتخذه مسجداً، فقالا له: بل نهبه لك يارسول الله، فأبى أن يقبله هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجداً.
وتابع: قد قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه منهما بعشرة دنانير ذهباً دفعها سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
تخطيط المسجد
ويوثق طاهر أورد السيد السمهودي في كتابه فيما أسنده إلى يحيى بن حسن قوله "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: ابنوا لي مسجداً عريشاً كعريش موسى، ابنوه لنا من لبن".
وقد خطط النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فجعل طوله من الشمال إلى الجنوب 70 ذراعاً حوالي "35م"، وجعل عرضه من الشرق إلى الغرب 60 ذراعاً حوالي "30م"، والراجح أن ارتفاعه كان 5 أذرع حوالي "2.5م" لما ذكره الأقشهري في روضته. وبذلك تكون مساحة المسجد قد بلغت 1050م2، وقد صف النخيل إلى قبلته والتي كانت نحو بيت المقدس، وحفر أساسه إلى عمق حوالي 3 أذرع حوالي "1.50م" أسست بالحجر حتى سطح الأرض. ثم رفع التأسيس بالحجر أيضاً عن سطح الأرض 3 أذرع، ثم بنى على هذا التأسيس بالطوب اللبن بارتفاع ذراعين، وقيل إن الارتفاع كان 3.5 أذرعة.
وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم صفة في مؤخرة المسجد مرتفعة عن أرضيته وجعل لها ظلة ليأوي إليها الفقراء والمساكين.
الشروع في البناء
يضيف طاهر: بدأ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في بناء هذا الصرح الإسلامي الكبير الذي يعتبر نواة ظهور النمط الإسلامي في التخطيط والعمران، فقام صلى الله عليه وسلم بتجهيز ما يحتاجون إليه من مواد البناء وما إن تم الانتهاء من التجهيز حتى أخذ النبي صلى الله عليه وسلم حجراً فوضعه بيده أولاً، ثم أمر أبا بكر فجاء بحجر فوضعه بجوار حجر النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر كذلك وعثمان رضي الله عنهم أجمعين. ومن ثم بدأت أعمال البناء في المسجد النبوي.
بيوت النبي صلى الله عليه وسلم
بنى النبي صلى الله عليه وسلم بيوتاً لزوجاته، فبنى بيتاً للسيدة عائشة وآخر للسيدة سودة على مثل بناء المسجد من اللبن وجريد النخل.
مدة بناء المسجد
هناك اختلاف بين الروايات في المدة التي استغرقت في بناء المسجد فمنهم من يرى أنها 7 أشهر وعليه الأغلبية ومنهم من يرى أنها 10 أشهر.
فرش أرضية المسجد
ظل المسجد في بداية أمره بدون فرش حيث اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية أرضه حتى أمطرت السماء مطراً شديداً فاستحسن النبي صلى الله عليه وسلم فرشه بالحصباء.