في إنجاز طبي نوعي، نجحت الفِرَق الجراحية والطبية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، في إجراء 5 عمليات زراعة أعضاء متزامنة خلال 10 ساعات لخمسة مرضى بينهم طفل رضيع (عمره 23 شهرًا) يعانون من فشل في الأعضاء الحيوية وهي الأمعاء الدقيقة والقلب والكبد والكلى.
وكانت عائلة قد وافقت على التبرع بجميع أعضاء أحد أفرادها (24 عامًا) المتوفى دماغيًّا جراء حادث مروري إثر إجراء الترتيبات والتنسيق اللازم من خلال المركز السعودي لزراعة الأعضاء.
وشملت العمليات استئصال الأعضاء الحيوية من المتبرع المتوفى دماغيًّا؛ إذ تم استئصال كبد المتوفى دماغيًّا وفصله إلى جزئين وزراعتهما لمريضين أحدهما طفل رضيع عمره 23 شهرًا، والآخر رجل عمره 63 عامًا، واستئصال الكلية وزرعها لامرأة عمرها 60 عامًا، واستئصال الأمعاء الدقيقة وزرعها لشاب عمره 34 عامًا، واستئصال القلب وزرعه لشابة عمرها 36 عامًا.
وأوضح المشرف العام التنفيذي للمؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور ماجد الفياض، أن هذه العمليات الجراحية الدقيقة والمتنوعة لزراعة الأعضاء لا يمكن إجراؤها بشكل متزامن سوى في مراكز طبية قليلة على مستوى العالم؛ وهو ما يتطلب وجود إمكانيات كبيرة على مستوى الكفاءات البشرية الجراحية والطبية والتمريضية والمخبرية والفنية، إلى جانب توافر البيئة التحتية ذات التجهيزات العالية من غرف عمليات متعددة ومختبرات وأشعة وكل التقنيات والأدوات الحديثة التي يحتاجها الإنجاز".
وأضاف: "مثل هذه العمليات تحتاج منظومة طبية متناغمة بكفاءة وإتقان وفي وقت متزامن لم يتجاوز 10 ساعات، وقد تم التنفيذ مساء الخميس 15 أكتوبر وحتى فجر الجمعة"؛ مشيرًا إلى أن عدد الفِرَق التي شاركت بشكل مباشر في العمليات، بلغ نحو 70 مختصًا في الجراحة والتخدير والتمريض والمختبرات والأشعة و7 غرف عمليات كانت تعمل بكامل طاقتها؛ فضلًا عن الإدارات اللوجستية الداعمة الأخرى.
وأضاف: "الجاهزية البشرية والطبية كانت متوافرة لإجراء زراعة بنكرياس ورئتين؛ غير أنه حين فحص الأعضاء بعد استئصالها، اتضح عدم ملاءمة هذه الأعضاء للزراعة فصرفت الفِرَق الطبية النظر عن زراعتها بحسب البروتوكلات والمعايير الدقيقة المعتمدة".
وبيّن أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث هو من المراكز الطبية القليلة عالميًّا الذي يجري عمليات زراعة الأمعاء الدقيقة، إضافة إلى أنه المركز الرائد في الشرق الأوسط في إجراء عمليات استئصال وفصل الكبد من المتبرع المتوفى دماغيًّا وزراعته لمريضين مختلفين؛ فضلًا عن ريادته في زراعة القلب ضمن المراكز الأعلى عالميًّا في إجراءها سنويًّا.
وأعرب "الفياض"، عن تقديره وشكره للفِرَق الطبية المتعددة التي حققت هذا الإنجاز النوعي والكمي من أجل إنقاذ حالات مرضية تعاني فشلًا عضويًّا وليس أمامها من خيار سوى إجراء عمليات الزراعة الدقيقة وفي وقت وجيز.. كما تقدم بخالص الدعاء للمتوفى وذويه الذين وافقوا على التبرع بالأعضاء وساهموا -بفضل الله- في إنقاذ حياة مرضى يتهددهم الموت؛ مقدّرًا الجهود التي يقوم بها المركز السعودي لزراعة الأعضاء في ترسيخ ممارسة التبرع بالأعضاء وزراعتها في المملكة وتعزيز الوعي بأهميتها في أوساط المجتمع".
هذا وقد أوضحت الفِرَق الطبية في برامج زراعة الأعضاء بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، أن المرضى الذين أجريت لهم عمليات الزراعة يتمتعون بصحة جيدة وقد غادر معظمهم المستشفى مع الاستمرار في المتابعة الطبية الدورية.