"رجل قطر الخفي" في قفص الاتهام.. ما قصته مع "بيانكا" و"فالكه"؟
أعلن مكتب المدعي العام في سويسرا، الخميس، اتهام رئيس مجلس إدارة نادي باريس سان جرمان ورئيس مجموعة beIN، رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي، بتحريض الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم جيروم فالكه على ارتكاب مخالفات إدارية جنائية.
وقال مكتب المدعي العام السويسري في بيان إن الشخصين "على علاقة بمخالفات عدة شابت عمليات منح حقوق البث التلفزيوني لكأس العالم وكأس القارات".
ما القصة؟
وكشفت صحيفة "ميديا بارت" الفرنسية في أكتوبر الماضي في تحليلها لمجموعة وثائق تدين القطري الذي يعد رجل الإمارة الخفي، ومهندس صفقاتها الرياضية المشبوهة، عن علاقته المثيرة للجدل بجيروم فالكه.
وتبدأ القصة في صيف 2013؛ فقد كان يحلم جيروم فالكه بإرساء يخته الفاره في منتجع (بورتو سيرفو) الفاخر، وهو اليخت الذي اشتراه بـ2.8 مليون دولار عن طريق شركة خارجية سرية، أنشأها تحت اسم "Umbelina" في جزر فيرجن البريطانية.
وكان فالكه يتمنى شراء "فيلا بيانكا" التي يملكها "ليلي مورا"، رجل الأعمال الذي ينظم السهرات الشهيرة (bunga bunga) لرئيس الوزراء الإيطالي السابق. وتقع الفيلا داخل منطقة فخمة مسورة. إنه منزل الأحلام، بمساحة 438 مترًا مربعًا، ويتضمن 13 غرفة، وحمام سباحة.
وفي الثالث عشر من أغسطس 2013م وقَّع جيروم فالكه عرض شراء الفيلا بـ 5 ملايين يورو، وتم قبوله في بداية شهر سبتمبر، وكتب في ذلك المساء لأحد المقربين منه: "تم تأكيد شراء المنزل الليلة، أنا أملك عقارًا في بورتو سيرفو!"
وفي الثاني من أكتوبر كتب فالكه لمؤسسة مالية بأنه: "ينهي عملية تملك المنزل من دون ائتمان بسبب التدفق النقدي الاستثنائي الذي يغطي تكلفة التملك، وهي 5 ملايين يورو".
وتمت صياغة وثيقة البيع بتاريخ 8 نوفمبر، وهو اليوم المقرر للتوقيع. وقامت أورنيلا زوجة جيروم فالكه (طُلِّقا منذ ذلك الحين) بالتوقيع كمشترية؛ لأنها تحمل الجنسية الإيطالية، وفقًا لمحاميها.
وفي الثلاثين من أكتوبر، أي قبل أسبوع من التوقيع، كتب فالكه وثيقة موجهة إلى ناصر الخليفي، وهي عبارة عن تعليمات من أجل شراء الفيلا "التي يبدو أنه قد سلمها" إلى رئيس نادي باريس سان جيرمان وقنوات BeIN Sports، كما دوَّن ذلك الادعاء الفيدرالي السويسري في مذكرة موجزة.
بسرية تامة
ولكن في اللحظة الأخيرة تم إلغاء البيع لزوجة جيروم فالكه، وتم استبداله بأسلوب أكثر سرية، وأقل خطورة بلا أدنى شك، بحسب تعبير الصحيفة.
تطورات جديدة أُجريت على عملية بيع الفيلا حتى تتم بطريقة أكثر سرية. وفي الحادي والثلاثين من ديسمبر 2013م اشترى ناصر الخليفي "فيلا بيانكا" من خلال "GoldenHomes real Estate"، وهي شركة قطرية، يملكها الخليفي، وأقرضها 5 ملايين يورو، وبعد ذلك قام رئيس باريس سان جيرمان بنقل أسهم الشركة إلى صديق يعرفه منذ 15 عامًا، الذي بدوره سدد القرض، وقام بتأجير الفيلا لفالكه.
في هذه الأثناء، في صيف 2013 أيضًا، كانت الإمارة الخليجية تواجه تهديدًا كبيرًا، يتعلق بإمكانية سحب تنظيم المونديال؛ فقد كانت قطر أمام تهديدين، من شأنهما أن يثيرا الشكوك حول كأس العالم 2022 التي ستنظمها. وكان الأمريكي مايكل غارسيا، كبير محققي لجنة الأخلاقيات في الفيفا، يجري تحقيقًا موسعًا في الفساد المزعوم في إسناد تنظيم البطولة لقطر، ولم يكن الاتحاد آنذاك قد قرر بعد ما إذا كان سيتم تأجيل الحدث إلى فصل الشتاء أم لا. ولكن زيارة من الرجل الثاني في "فيفا" جيروم فالكه للدوحة لمقابلة أمير قطر، وذلك بعد أيام قليلة من توقيعه عقد شراء فيلا بيانكا بمباركة الخليفي، قلبت الأمور لصالح الإمارة؛ إذ وعده الأمير بتعويض الفيفا عن طريق الشركاء التجاريين عن أي خسائر محتملة بسبب إقامة المونديال في الشتاء.
شبهات beIN
بعد شهر ونصف الشهر من ذلك قام الفيفا في نوفمبر 2013 بصياغة عقد لبيع حقوق البث التلفزيوني في الشرق الأوسط لمونديالي 2026 و2030 لـ beIN Sportsمقابل 480 مليون دولار، بزيادة 180 مليونًا (نحو 60 %) على العقد السابق، وذلك في سابقة خطيرة لـ"فيفا"؛ إذ لم يكن قد حُدد بعد أين ستقام البطولتان!
وبحسب الصحيفة الفرنسية، فهناك العديد من الأشياء الغريبة في هذا العقد؛ إذ لم يطرح الفيفا أي مناقصة، كما أنه -وبحسب مصدرين مقربين من الفيفا- من غير المعتاد جدًا توقيع مثل هذه العقود مقدمًا قبل أكثر من عشر سنوات، كما أن حقوق البث التلفزيوني بشكل عام تكون ذات قيمة أفضل عندما يتم مفاوضتها في تاريخ أقرب إلى الحدث.