اشتهرت سواحل منطقة تبوك ومنها محافظة "الوجه"، بتنوع بيولوجي كبير يضم مختلف الكائنات البحرية، التي تجد في أشجار "القرم" بيئة ملائمة للعيش والتكاثر، وتُعد الحاضنة الطبيعية لإنماء أكثر من 35 نوعًا من الأسماك، ومختلف الطيور المهاجرة، التي تحط رحالها سنويًّا على سواحل الوجه وجزرها المليئة بالحكايا والقصص.
وتُعد "القرم" أو ما يعرف علميًّا بنبات المانجروف، حجر أساس في تنمية البيئة البحرية؛ لما يؤديه من دور بارز لازدهار الحياة فيها؛ فضلًا عن دوره في تخزين الكربون من الجو وحفظه في أعماق التربة لعشرات السنين.
ويواصل المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، جهوده في زراعة "القرم"، انطلاقًا من أهميته البارزة في بيئته الحيوية المحيطة، وتعزيزًا للتنوع الحيوي في المناطق الساحلية على البحر الأحمر والخليج العربي.
وأوضح مدير إدارة غابات المانجروف بالمركز الدكتور صالح الزمانان، أنه جرى مؤخرًا استزراع أكثر من 4 ملايين شتلة مانجروف في عدد من المشاريع التابعة للمركز على شواطئ البحر الأحمر؛ استعدادًا لنقلها لمواقع مختلفة، وفق خطط المركز الرامية لتحقيق رؤية المملكة 2030، في المحافظة على الموارد الوراثية النباتية والغطاء النباتي.
وقال "الزمنان": لأشجار القرم 9 فوائد مهمة، تتلخص في كونها محاضن لأنواع كثيرة من الحيوانات والطيور، وتقلل التلوث الجوي عن طريق امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، وتعزز المخازن السمكية، وتحمي الشواطئ من التآكل والنحر، وتزيد نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي، كما تثبّت التربة الساحلية وتحميها من الانجراف، وتُعد ذات قيمة اقتصادية؛ لكونها مصدرًا للأعلاف، ومكونة للمتنزهات البحرية، إضافة إلى استعمالها كمصدر لكثير من الصناعات والصبغات ومستحضرات التجميل، وهي من النباتات "العاسلة"؛ حيث بدأ المركز بإصدار تراخيص للنحالين لإنتاج عسل المانجروف، وهو نوع جديد ستتعرف عليه الأسواق السعودية قريبًا؛ وهو ذو جدوى اقتصادية للمجتمعات المحلية وقيمة غذائية كباقي أنواع العسل.
ونوّه الدكتور "الزمنان" بأن المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر يبذل جهودًا كبيرة للمحافظة على هذه النباتات وإنمائها من خلال الزيارات الميدانية، والمسح؛ لمعرفة حالة الغطاء النباتي لغابات المانجروف، وتحديد المواقع المتدهورة وأسباب تدهورها للحد من ذلك، إلى جانب تحديد المواقع الكثيفة للغطاء النباتي؛ للاستفادة منها كبنك للبذور لاستخدامها في إنتاج شتلات، وإعادة تأهيل غابات المانجروف، إضافة إلى العمل على تحديد المواقع الصالحة لاستزراع أشجار المانجروف.
وأشار الدكتور إلى أنه يتوجب على الجميع استشعار أهمية هذه النباتات والغابات الطبيعية التي حبانا الله بها؛ مؤكدًا أن المركز يبذل -إلى جانب جهوده العملية- جهودًا توعوية للتعريف بأهمية غابات المانجروف، بالتعاون مع مختلف الجهات والأفراد، وتفعيل اليوم الدولي للحفاظ على غابات المانجروف، بحضور ومشاركة مجموعة من الخبراء على المستويين المحلي والعالمي.