لم يكن شهر شوال الماضي شهراً عادياً على السعوديين، فبعد مضي 19 يوماً منه حزنوا برحيل شخصية وطنية ارتبطت بأذهانهم طوال 28 عاماً، شخصية كانت تجمع بين العمل الحكومي والعمل الخيري، الذي وجّه رسالة لأعداء الوطن بمقولته "لا يحدونا على أقصانا .. الشعب السعودي من واجهه سيرى الويل".
من هنا تحاول زاوية "كانوا معنا" تسليط الضوء على صفحات من الحياة العملية والإنسانية للأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن نائب وزير الدفاع الأسبق، وشقيق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، الذي وُلد عام 1931م وهو الابن الـ 16 من أبناء الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله، ووالدته هي الأميرة حصة بنت أحمد السديري.
بعد وفاة والده بفترة التحق الأمير عبدالرحمن؛ بإحدى المدارس في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، وهي مدرسة تقوم بتدريس المقررات الثانوية وإعطاء برنامج خاص لتأهيل الطلبة للالتحاق بالكليات العسكرية، ثم التحق بعد ذلك بالكلية العسكرية في سان دييغو ثم التحق بكلية الاقتصاد التابعة لجامعة كاليفورنيا، ودخل العمل السياسي عام 1983م عندما أصدر الملك فهد، رحمه الله، أمراً بتعيينه نائباً لوزير الدفاع والطيران والمفتش العام، خلفاً لأخيه الأمير تركي (الثاني) بن عبدالعزيز.
ظل الأمير الراحل وفياً مخلصاً لدينه ووطنه، وعُرف عنه أنه من رجال الأعمال الخيّرين؛ حيث أنشأ منذ بداياته مبرة الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز الخيرية التي يذهب ريعها ومصارفها في العمل الخيري والتنموي، كما كان يعشق الخيل الأصيلة ويقضي ساعات فراغه معها، وتجد منه اهتماماً خاصاً، كما زار عديداً من البلاد العربية والأوروبية والولايات المتحدة.
عند حرب الحوثيين الأولى عام 2009م، وقف ميدانياً على الساحة وزار الجنود المصابين في الحد الجنوبي، وأطلق تصريحاً وقتها قال فيه: "مثلما قلت إن الشعب السعودي ما يحتاج تقول له شيء لكن لا تحرّكه، إن حرّكته، والله من واجهه ليرى الويل منذ قديم الزمان وليس الآن"، ورد على أحد الضباط بوضع "السدادة" على الأذنين عند الرمي، قائلاً: "قل الله أكبر وارم .. هذي سدادة الأذنين".
وأضاف: "نحن من الشعب السعودي وفيه وأفخر بأني منه وفيه، كلنا عائلة واحدة، ومن يتتبع هذا الأمر شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً سيجدنا عائلة واحدة"، مشيراً إلى أنه "لا يحدونا على أقصانا"، "نحن لن نعتدي على أحد، ولن نتدخل في شؤون أحد، لكننا لا نقبل أن يتدخل أحد في شؤوننا بأي شكل من الأشكال، ولو وسوس له الشيطان وتدخل سيجد الرد الفعلي الحاسم إن شاء الله".
وللراحل إسهامات واهتمامات متعددة؛ حيث أسس شركة الجبس الأهلية، وأنشأ مزارع حديثة في أنحاء مختلفة من المملكة، كما أسس شركة للطباعة والنشر والصحافة في جدة والشرقية، وأسس شركة الغاز الأهلية، وهو عضو مؤسس في شركات كهرباء الرياض والمنطقة الشرقية، ويحمل قلادة الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، كما تقلد عدداً من الأوسمة العربية الرفيعة.
وفي عام 1432هـ، ترجل من منصبه وبعدها بست سنوات انتقل إلى رحمة الله تعالى عن عمر يناهز 86 عاماً، وأدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله، مع جموع المصلين في المسجد الحرام صلاة الميت على أخيه الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز، يرافقه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وعدد كبير من الأمراء والمواطنين، وذلك يوم الجمعة 20 شوال 1438هـ.