الرزاق المعطي سبحانه يقول في مُحكم التنزيل {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}. وهذا حثٌّ رباني على السعي وطلب الرزق والعمل.
الحياة لها مجموعة قوانين ومبادئ، مَن عمل بها وحرص على تطبيقها وتوكل على الله، وآمن بأن فعل الأسباب لا ينافي التوكل، تحقق له مراده، ووصل لغايته. أما مَن تهاون وتكاسل، وآثر الحياة السهلة، وجعل الوسادة رفيقته الأولى، فلن يجد سوى الفشل والتعب والمعاناة والنتائج السيئة.
البعض يعتقد بفلسفة الحظ أكثر من منهجية العمل والمثابرة؛ ولذلك يكثر على كلامه التذمر والشكوى وسب الأنظمة والتشكيك في المنظمات والقطاعات المختلفة.. ولا تجده إلا حزينًا منعزلاً، وإن خرج كان متجهمًا عابسًا، يعاني عدم الرضا حتى عن نفسه. إن كان موظفًا اتهم إدارته وزملاءه بالغيرة منه، والخوف على وظائفهم من قدراته، وهو المتأخر الكسول البعيد عن جودة الأداء، ويعتقد أن الحياة بمن فيها تتآمر عليه!! وإن كان طالبًا اتهم أساتذته والمناهج وعميد الكلية، ولم يبقَ سوى أن يتهم الوزير بأن إخفاقه وحصوله على درجات سيئة كان بسبب تآمر كل من في الجامعة عليه!! وإن كان تاجرًا وخسر تجارته أشار مباشرة إلى أن السبب يكمن في الأنظمة وفي العملاء غير المنصفين وعدم تقديرهم لمنتجاته!!
لا يريد أي من أولئك مراجعة نفسه ومحاسبتها، وإعادة أصابع الاتهام إلى عدم جديته في حياته. الأسهل دائمًا يكون في رمي التهم على أطراف أخرى حتى يوهم الإنسان نفسه بأنه يستحق النجاح ولكنّ هناك أيدي خفية أعاقته عن الوصول.
نسبة مَن حققوا نجاحات وإنجازات في الحياة، وكان لهم الأثر الكبير على جودة حياتهم وحياة مَن حولهم بسبب توفيق الله لهم، ثم العمل بشغف وإصرار، 98 %. نعم هناك 2 % في هذه الحياة وجدوا المال بلا عناء ولا مكابدة، إما عن طريق ورث، أو تعويضات حصلوا عليها، ولكن يبقى السبب الأول لنجاح البشر هو العمل بجد، وسعي حثيث، وتفاؤل واستمرار.
الحياة تتطلب منا بذل الجهد، والاستمرار في كل عمل يعود علينا وعلى أسرنا ومجتمعنا بالخير. ولو أن الحياة تتحدث لصرخت بصوت عالٍ، وقالت: "أحبتي، أنا لا أمارس التحالف ولا التآمر، أنا فقط أجيد مشاهدة الجميع ومراقبتهم، وأخبرهم بأن الأرزاق أوجدها الله سبحانه، وتنتظر من ينطلق مع كل صباح للعمل رافعًا يديه إلى السماء داعيًا الإله بالبركة والخير".