انطلقت في العاصمة الهندية نيودلهي اليوم أعمال "الملتقى السعودي الهندي"، تزامناً مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها حالياً صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع للهند ضمن جولتة الآسيوية، تعزيزاً لأواصر التعاون المشترك وتوثيق العلاقات الاقتصادية والثقافية بما يحقق أهداف التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.
وجاء انعقاد الملتقى بتنظيم من الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع المركز السعودي للشراكات الاستراتيجية الدولية واتحاد الصناعة الهندية (CII)، وشهدت أعماله حضوراً لافتاً وصل إلى 400 مشارك يمثلون قادة المؤسسات الاقتصادية والاستثمارية الكبرى في المملكة والهند، وصناع القرار في المؤسسات الحكومية.
واستهل الملتقى أعماله بكلمة افتتاحية للرئيس التنفيذي للمركز السعودي للشراكات الاستراتيجية الدولية الدكتور فيصل الصقير، تناول فيها العلاقة الاستراتيجية بين المملكة والهند على كثير من الصعد، لافتاً إلى أن هناك فرصاً نوعية وواعدة لتوسيع القاعدة الاستثمارية بين البلدين.
وعلى هامش أعمال الملتقى، أكد محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم بن عبدالرحمن العمر، أهمية العلاقة بين كل من المملكة والهند وعمقها الاستراتيجي والتاريخي في العلاقات الاقتصادية الثنائية، ودورها في دعم الأهداف الشاملة للتنمية الاقتصادية المستدامة التي تتطلع إليها المملكة ضمن رؤيتها 2030.
ونوّه "العمر" بالعلاقات التاريخية التي تربط البلدين ومسيرة التبادل الاقتصادي والتجاري والثقافي الحافلة، ودورها في تعزيز الموقع الريادي للمملكة ضمن اقتصاد دول مجموعة العشرين.
وأوضح أن المملكة أطلقت 500 مبادرة إصلاح اقتصادي، نُفذ منها إلى اليوم ما نسبته 45% من المبادرات، حيث أسهمت في تفعيل دور الهيئة العامة للاستثمار بفتح فرص الاستثمار الأجنبي في مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن جذب الاستثمارات من خلال فتح باب الملكية الأجنبية بنسبة 100% في مجموعة القطاعات الجديدة، وتسهيل اصدار تأشيرات العمل في غضون 24 ساعة، ومنح التراخيص اللازمة للشركات خلال يوم واحد.
وفي كلمة له في الملتقى، قال وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار لقطاع جذب وتطوير الاستثمار سلطان مفتي، إن المملكة تشهد حالياً مرحلة جديدة من التغييرات التنموية والاقتصادية الواعدة، تسهم في دعم النمو الاقتصادي بشكل مستدام، إضافة إلى إسهامه في الاقتصاد العالمي.
وتضمنت أعمال الملتقى عدداً من الجلسات الرئيسية تناولت مواضيع اقتصادية واستثمارية وتنظيمية وثقافية،وشارك فيها وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، ووزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، والدكتور راجيف كومار نائب رئيس مجلس إدارة المعهد الوطني لتحويل الهند (NITI).
وتناولت الجلسات أهمية الشراكات الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الهند على مختلف الصُعد التنموية، وسبل وآليات توسيع مجالاتها وأفقها في الأنشطة التجارية والاستثمارية المختلفة، وتبادل الخبرات المعرفية في تدعيم تقدم مستوى التعاون في أهم القطاعات الاستراتيجية.
وتناولت المناقشات موضوع التنمية الصناعية والخدمات اللوجستية في المملكة وشارك فيها كل من الرئيس التنفيذي لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية عويض الحارثي، ورئيس برنامج تطوير المجموعات الصناعية الوطنية نزار الحريري، فيما أدار الجلسة عادل زيدي، شريك إرنست ويونغ وتمحور النقاش في أربعة جوانب رئيسية، شملت "توفير القدرة التنافسية، وتسريع الابتكار، والاستفادة من الثروات الطبيعية، والاستفادة من الطلب المحلي والموقع".
وناقش المتحدثون الفرص والتطلعات الاستثمارية في القطاعات والصناعات المستدامة الواعدة، لا سيما قطاعات الصناعات الكيميائية، والصناعات الدوائية، والصيدلة والأجهزة الطبية، والسيارات والمعادن، متطرقين إلى المميزات الاستثمارية التي تتمتع بها المملكة، بما في ذلك موقعها الجغرافي المميز، وإمكاناتها التوسعية في الإنتاجية والنمو، فضلاً عن تطوير البنية التحتية بما فيها بناء المناطق الصناعية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، وتعزيز الأنظمة والإجراءات بما يخدم تسهيل قطاع الأعمال في المملكة، وتمكين التصدير.
وفي سياق متصل، شارك كل من الرئيس التنفيذي لـ"سابك" يوسف البنيان، والرئيس التنفيذي لـ"أرامكو" أمين الناصر، ورئيس مجلس إدارة الشركة الهندية للبترول المحدودة سنجيف سينغ، ورئيس مجلس إدارة شركة "ويبرو" لاستشارت تقنية المعلومات السيد عظيم بريمجي، في جلسة تناولت الفرص والتحديات على مستوى القطاعات التنموية، وأدارها فيكاس كاشول، شريك مؤسسة خدمات الاستشارات الإدارية "أيه تي كيرني" العالمية، حيث ركزت نقاشات الجلسة على الإمكانات والتوجهات في القطاعات الناشئة في إطار رؤية المملكة 2030.
وأكد المشاركون أهمية تنويع الموارد الاقتصادية، لا سيما في مجالات الطاقة والقطاع الصناعي، وفرص وأطر الشراكة المتاحة أمام المملكة والهند، واستعراض قصص النجاح في جذب الاستثمارات المستدامة في كلا البلدين.
وفي جلسة عن دور الشباب، ناقش المتحدثون أهم قضايا رواد الأعمال الشباب وإسهاماتهم في دعم الاقتصاد، حيث شارك في الجلسة كل من شيف كيمكا من المؤسسة العالمية للتعليم والقيادة، و عميد كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال الدكتورة أسماء صديقي، إضافة إلى المؤسس ورئيس الشبكة العالمية لريادة الأعمال جونثان أورتمانز، وأدارها الإعلامية آرتي سبرمانيام.
وشهد "الملتقى السعودي الهندي" توقيع محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم بن عبدالرحمن العمر اتفاقيتين مع كل من "سوفت بنك" للتعريف بفرص الاستثمار في السوق السعودي، و"شركة أيون اكسجينج أريبيا" في قطاع معالجة وتوزيع المياه ،إلى جانب توقيع تسع اتفاقيات أخرى في قطاعات مختلفة منها المعادن والتنقيب، والترفيه، وصناعة الأدوية، والاتصالات وتقنية المعلومات.
كما منحت الهيئة العامة للاستثمار أربعة تراخيص خدمية وصناعية وتجارية لشركات هندية لمزاولة نشاطها الاستثماري في المملكة العربية السعودية.
وشمل الملتقى تنظيم عشر ورش عمل بحث فيها المشاركون أهم الفرص والتحديات في عدد من القطاعات المزدهرة بما في ذلك تعزيز التعاون في مجال البتروكيماويات وتزويد الطاقة، ومستقبل التطبيقات الرقمية، وقيمة المعادن والموارد الطبيعية، والإسكان والتعليم ضمن القطاعات الصاعدة، والمواصلات والخدمات اللوجستية، والتحولات التي يشهدها قطاع الطاقة المستدامة.
كما تناولت الورش مواضيع الإبداع وسبل تنميتها لريادة مستقبل العلوم والتقنية، إضافة إلى فرص الاستثمار المتاحة في قطاع الأغذية، وصناعة السيارات، والصناعات التحويلية.
وصاحب الملتقى تنظيم معرض بعنوان "استثمر في السعودية"، قدمت فيه عدد من المؤسسات الحكومية والشركات الوطنية، تعريفاً لأهم وأبرز المهام والخدمات والأنشطة التي تقوم بها في إطار دعم البيئة الاستثمارية في السوق السعودي.