
جامع الزيتونة المعمور أو الجامع الأعظم، ذلك التحفة المعمارية التي تقع في قلب مدينة تونس العتيقة في عاصمة الجمهورية التونسية، أحد أكبر جوامع البلاد، وثاني الجوامع التي بنيت في "إفريقيّة" بعد جامع عقبة بن نافع في القيروان، واليوم تسطر صفحة جديدة في تاريخه العتيق بإزاحة خادم الحرمين الشريفين والرئيس التونسي الباجي السبسي الستار عن مشروع الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لترميمه.
تأسيسه وعمارته
على الرغم من الاختلاف حول اسم مؤسسه، إلا أنه يرجح المؤرخون أن من أمر ببنائه هو حسان بن النعمان عام 79هـ، وقام عبيد الله بن الحباب بإتمام عمارته في 116هـ 736م.
ويقع الجامع على مساحة 5000 متر مربع، ولديه تسعة أبواب، وقاعته الداخلية تتكون من 184 عموداً، ويتميز بعمارته المتفردة وتصميمه الهندسي المبدع في بعض عناصره الفريدة، التي تتمثل في بيت صلاة على شكل مربع غير منتظم، وسبع بلاطات مسكبة معمدة تحتوي على 15 متراً مربعاً، وهي مغطّاة بسقوف منبسطة. وقد اعتمد أساساً على الحجارة في بناء جامع الزيتونة مع استعمال الطوب في بعض الأماكن.
وتتميّز قبّة محرابه بزخرفة كامل المساحة الظاهرة في الطوابق الثلاثة بزخارف بالغة في الدقة تعتبر النموذج الفريد الموجود من نوعه في العمارة الإسلامية في عصورها الأولى.
ويختلف الرواة حول سبب تسميته بالزيتونة، فمنهم من ذكر أن الفاتحين وجدوا في مكان الجامع شجرة زيتون منفردة فاستأنسوا بها وقالوا: إنها لتؤنس هذه الخضراء وأطلقوا على الجامع الذي بنوه هناك اسم جامع الزيتونة.
وحظي "الزيتونة" طوال تاريخه تقريباً بعناية الخلفاء والأمراء الذين تعاقبوا على "إفريقية" لما يمثله من قيمة كبيرة تاريخية ودينية وعلمية.
جامعة إسلامية
لم يكن المعمار وجماليته الاستثناء الوحيد الذي تمتّع به جامع الزيتونة، بل شكّل دوره الحضاري والعلمي الريادة في العالم العربي والإسلامي إذ اتخذ مفهوم الجامعة الإسلامية منذ تأسيسه وتثبيت مكانته كمركز للتدريس، وقد لعب الجامع دوراً رائداً في نشر الثقافة العربية الإسلامية في بلاد المغرب، وفي رحابه تأسست أول مدرسة فكرية بإفريقية أشاعت روحاً علميّة صارمة ومنهجاً حديثاً في تتبع المسائل نقداً وتمحيصاً.
وتخرّج من الزيتونة طوال مسيرته آلاف العلماء والمصلحين الذين عملوا على إصلاح أمّة الإسلام والنهوض بها، ففيها تخرج المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع ابن خلدون، ومحمد الخضر حسين شيخ جامع الأزهر، والمصلح الزعيم عبد العزيز الثعالبي، وشاعر تونس أبو القاسم الشابي، وغيرهم الكثير من النخب التونسية والمغاربية والعربية.
عمليات الترميم
شهد الجامع منذ تأسيسه عمليات ترميم وتطوير عدة من قبل حكام دولة تونس عبر العصور، وحظي الجامع بعملية ترميم مهمة عقب الاستقلال التونسي من الاحتلال الفرنسي عام 1956م، بمعرفة الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين علي، بحسب "ويكيبيديا".