ضِمن خطط التطوير الصناعي، قامت المملكة بإقرار إنشاء مدينة للصناعات التعدينية بمنطقة رأس الخير، ونظرًا لنجاح الهيئة الملكية للجبيل وينبع في إنشاء وتطوير وإدارة مدينتي الجبيل وينبع والنتائج التي تحققت لتصبح الجبيل الصناعية أكبر مدينة صناعية بتروكيماوية في العالم، أسندت مهمة تطوير وإدارة مدينة رأس الخير الصناعية إلى الهيئة الملكية للجبيل وينبع في العام (2009م) بمرسوم ملكي.
وفور صدور المرسوم الملكي عَمِدت الهيئة الملكية للجبيل وينبع إلى وضع خطة عامة لتطوير المدينة، بالإضافة إلى خطط استراتيجية لرسم الأهداف والتوسع المستقبلي مع الشركاء الاستراتيجين (وزارة البترول والثروة المعدنية في حينه، وشركة معادن).
ونظرًا لوقوع مدينة رأس الخير الصناعية بالقرب من مدينة الجبيل الصناعية (80 كم شمال الجبيل)، تم الأخذ بعين الاعتبار التكامل الصناعي والاستراتيجي بين المدينتين.
وبناءً على هذه الخطط؛ فقد تم وضع البرنامج الصناعي الذي شَمِلَ خمس قطاعات رئيسية وهي: صناعة الفوسفات، وصناعة الألمنيوم، وصناعة النحاس والزنك، وصناعة الحديد، وأخيرًا الصناعات التعدينية الأخرى، كصناعة الزجاج والبولي سيليكون.
كما تم وضع الخطة العامة للتوسع في الصناعات التحويلية للقطاعات سابقة الذكر، وشملت المرحلة الأولى من تطوير مدينة رأس الخير الصناعية، والتي تبلغ مساحتها (120 كم2)، قيام مجمعي صناعة الفوسفات والذي وضع المملكة على خريطة العالم كلاعب رئيسي للأمن الغذائي باعتباره ثاني أكبر مورد للأسمدة الفوسفاتية للدول الزراعية، وأيضًا مجمع الألمنيوم، الذي سيكون اللبنة الأساسية للعديد من الصناعات التحويلية ومنها صناعة المحركات وقطع السيارات.
وكغيرها من المدن الصناعية الكبرى، تم إنشاء ميناء رأس الخير الصناعي وجُهّز ببنية تحتية وأعماق بحرية تتناسب والصناعات التعدينية، كما تم إنشاء محطة تحلية رأس الخير لإمداد المدينة بما تحتاجه من الكهرباء والماء.
وقد قامت الهيئة الملكية للجبيل وينبع في العام (2016م) بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة أرامكو السعودية وتحديث الخطة العامة لمدينة رأس الخير الصناعية، لتشمل مجمعًا صناعيًّا للصناعات والخدمات البحرية والذي أطلق عليه مسمى مجمع الملك سلمان العالمي للخدمات الصناعية البحرية، وسيضم المجمع منطقة لصناعة السفن العملاقة، تتكون من حوضين جافين ومباني صناعية لصناعة محركات السفن بالشراكة مع شركة هيونداي، بالإضافة إلى منطقة أخرى لتصنيع المنصات البحرية والحفارات، وكذلك منطقة إصلاح للسفن وصيانتها، وهنالك الجزء الخاص بسفن الإمداد البحري الذي يحتوي على عدد من المراسي الجافة ورافعات السفن الخاصة بإصلاح وبناء سفن الإمداد البحري.
وسيتم العمل بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين على تطوير مجمع الملك سلمان العالمي للخدمات الصناعية البحرية بواسطة شركة أرامكو السعودية، وسيتم تطوير منطقة التجمعات البحرية (Offshore Cluster) بالكامل بواسطة الهيئة الملكية بالجبيل.
وتهدف المملكة من خلال التوسع في الصناعات التعدينية، إلى تنويع مصادر الدخل واستغلال الثروات التعدينية بالمملكة والتي لم يستغل منها حتى الآن سوى (3%) بحسب آخر إحصائية واستحداث الفرص الوظيفية والمقدرة بـ(91.000) وظيفة عند اكتمال تطوير كامل المنطقة الصناعية برأس الخير والتي ستكون على مساحة (179 كم2) تقريبًا.
يُذكر أن مدينة رأس الخير الصناعية ستكون النواة لدخول المملكة بخارطة الصناعات التعدينية والصناعات المرتبطة بها، ومن الفرص الاستثمارية المخطط لاستقطابها على سبيل المثال لا الحصر: صناعةُ التغليف من الألمنيوم وصناعة الكابلات وقطع الأجهزة المنزلية المصنعة من النحاس والزنك والألمنيوم والعديد من الصناعات المرتبطة بمواد الطاقة مثل المضخات والصمامات والمبادلات الحرارية.
وبلغت الاستثمارات اليوم بمدينة رأس الخير الصناعية الحكومية والخاصة، ما يقارب الـ(100) مليار ريال، وبفضل البنية التحتية التي أنشأتها الهيئة الملكية من أراضٍ صناعية وطرق وخدمات كهربائية واتصال ومياه تصنيع ومياه التبريد وشبكات معالجة المياه بنوعيها الصناعي والصحي، بالإضافة إلى ممرات الخدمات التي ستسهل على المستثمرين الحصول على احتياجاتهم من الغاز الطبيعي والغازات الصناعية وغيرها؛ ستكون مدينة رأس الخير الصناعية إحدى أهم المواقع الجاذبة للصناعات التعدينية بالعالم.