يروي الكاتب الصحفي أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم قصة حقيقية "موجعة" لموظف سعودي، كانت وظيفته الحكومية تدرّ عليه راتبًا شهريًا سبعة آلاف ريال، وكان مواظبًا على أداء عمله، ويرعى أسرته ويعيش حياته ويومه كأحسن ما يكون، حتى أدمن المخدرات، فانتهت حياته بين السجن والمستشفى والتشرد في الشارع، ويطالب الكاتب بإجراء اختبار مخدرات سنوي لكل موظف وطالب بالثانوية والجامعة.
وفي مقاله "قصة (موجعة) لموظف متعاطٍ" بصحيفة "المدينة"، يروي "الكريّم" قائلًا: "شاب في مقتبل العمر، يبحث عن وظيفة إلى أن منحه الله وظيفة حكومية تدر عليه وعلى أسرته الصغيرة راتبًا شهريًا لا يقل عن سبعة آلاف ريال، وكان مواظبًا على أداء عمله، يعيش بين زملائه بشيء من روح الانبساط، يرعى أسرته ويعيش حياته ويومه كأحسن ما يكون، ومع مرور الأيام بدت عليه ملامح لا تعجب كل من رآه، ظهر عليه التعب والإرهاق، والسرحان، وذات يوم قصد مديره ليحكي له أن سبب تعبه تراكم الديون عليه، وأن أحد أطفاله يعاني من مرض وهو بحاجة إلى من يقرضه مبلغًا من المال، فما كان من مديره إلا أن جمع له مبلغًا من زملائه مساعدةً له دون رد، وبعد ستة أشهر -كان جزءًا منها إجازة مرضية- عاد ليبحث عمن يقرضه، لكن في هذه المرة من أحد زملائه، وتم ذلك وبعد حصوله على المبلغ غاب ولم يعد أحد يعرف مكانه، حتى وصل خبر لمديره أنه مسجون بسبب ديون مع خبر مزعج جدًا كان صاعقة على مديره وعلى زملائه الموظفين الذين كانوا يعتقدون أنه مريض بسبب شحابة وجهه وسرحان ذهنه، وتغير شكله ما هو إلا من تأثير المخدرات فلديه صحبة من خارج دائرة عمله يسهر معهم إلى وقت متأخر في لعب البلوت، والمسألة لم تتعدّ في البداية التدخين والشيشة، ثم اخترقت المخدرات نفسه وجسده، مما تسبب في غيابه أيامًا عن عمله، ولم يعد يستطيع أن يؤدي عمله، وكثرت الشكاوى عليه من المراجعين وأخذ زملاؤه يحذرون منه بعدم تسليفه أي مبلغ؛ لأنه لا يردّه، وفعلاً لم يعد أي أحد يأمن أن يقرضه؛ لمعرفتهم أنه أخذ يسلك مسلك المتعاطي، ومع غيبوبة ذهنه وتهالك جسده وخوف زوجته منه طلبت منه الطلاق، وعاد مرة أخرى إلى السجن، حيث قضى وقته بين السجن والمستشفى، في السجن لحقوق الناس المالية التي عليه، وفي المستشفى لمحاولة علاجه من السموم التي حلّت في جسمه خاصة في كبده الذي مزقته المركبات الكيميائية، وخلايا دماغه التي اختطف منها المخدر ما بقي فيها من وعي وإدراك.
وفي يوم من الأيام شاهده أحد زملائه يستند على جدار ويرتدي ثيابًا قديمة، ولم يعد ذلك الشاب صاحب الهندام النظيف والغترة المنشّاة والثوب الأبيض، بل أصبح رث الثياب، فاقد الوعي، تبكي لحاله حمامات الغرفة التي كان يطل عليها من نافذة عمله".
ويعلق "الكريّم" على القصة مطالبًا بإجراء اختبار مخدرات سنوي لكل موظف وطالب بالثانوية والجامعة، ويقول: "إن المخدرات لم تكن تصل إلى كبد ذلك الشاب ولا إلى عقله لو أن مديره وزملاؤه عرفوا ما به مبكرًا، وتم التعامل معه بنصحه وعرضه على طبيب دائرة عمله.. المطلوب اليوم الحذر من مروجي المخدرات ومن أصحاب السوء وضرورة عمل اختبار كل عام لكل موظف؛ للتأكد من خلوّ جسمه من السموم؛ لأن ذلك في حقيقته من صالح الموظف وأسرته، ومن صالح الوطن في الوصول إلى المروجين أعداء الوطن، وبذلك تحفظ النفوس ويتم تنظيف الحياة والمجتمع من أضرار وسموم المخدرات والتركيز على طلبة المراحل الدراسية المتوسطة والثانوية والجامعية؛ حيث هذه الفترة هي سن المراهقة وهي المستهدفة من مجرمي المخدرات وعصاباتهم الإجرامية".
وينهي "الكريّم" مؤكدًا أن "هذه القصة حقيقية".