يحملون سطولاً معبأة بالمياه ولا يخافون العقاب، ينتشرون بكثرة ويحتلون مواقف المولات، والأسواق والمواقف الخاصة المدفوعة، والحدائق العامة وبعضهم يحجز مواقف السيارات مقابل غسيلها.
تلك هي الصورة والواقع الحقيقي الذي تنقله "سبق" عن مجموعة من العمالة الوافدة المخالفة، والتي تتسرب من جهات عملها الأصلية، كون أغلبهم عمال نظافة بالمستشفيات، وبعض البلديات، وغيرها من الجهات الحكومية، حيث يمتهنون "غسيل السيارات" واقعين في المخالفة للأنظمة، مُسببين تشوهًا بصريًا بسكب المياه في الشوارع والمواقع التي يعملون فيها ويتعمدون هدرها، وبذلك يتسببون في إتلاف لطبقات الأسفلت في الشوارع بعد تجمع المياه عليها، مُلغين جهود الأمانة في القضاء على التشوه البصري، كما برز منظر السطول المتناثرة وقطع القماش والأسفنج، وبعض العبوات، باعتبارها أدواتهم البسيطة وغير المُكلفة، ولكنها تجلب لهم الأرباح طوال قيامهم بذلك العمل الذي امتهنوه.
لمعرفة أبعاد هذه الممارسات استقللت مركبتي وتوجهت أولاً نحو المواقف في الطائف، وبعد أن سحبت تذكرة دخول تجولت بمركبتي داخل تلك المواقف، والتي كانت المياه فيها مسكوبة وتنهمر من أثر غسل المركبات، حيثُ إن مرتادي الموقف ومستخدميه يتخطون تلك المياه بأقدامهم ويرفعون ثيابهم حتى لا تتسخ.
واصلت عملية الرصد لممتهني غسيل المركبات والذين كانوا ينتشرون بداخل الموقف، منهم من كان يقوم بالمهنة، ومنهم من أفرغَ منها وتقاضى المقابل، وآخرون يندسون بين المركبات وعند الأعمدة المنتشرة بداخل الموقف، وآخرون بين الأشجار المحيطة، يحملون معهم السطول والأدوات التي يستخدمونها للمهنة.
توجهت نحو أحدهم وهو من الجنسية البنجلاديشية وسألته عن قيمة غسيل المركبة، وأجاب : 20 ريالاً من الداخل والخارج ،و10 ريالات من الخارج، حينها تواصلت معه في الحديث وأفادني بأنه يعمل في أحد المستشفيات الحكومية داخل الطائف كعامل نظافة، وفي الوقت ما عدا الدوام يتنقل لامتهان غسل المركبات، كذلك يقوم بغسل المركبات للموظفين والمراجعين بالمستشفى الذي يعمل لديه، وأن مهنة غسل المركبات تجلب له المال الذي يبحث عنه كإضافي لراتبه الشهري من الشركة التي يتبع لها والمُتعاقدة مع الصحة .
أثناء ذلك قاطعني في حديثي معه وسألني مرة ثانية : هل ترغب في غسل المركبة؟، أجبته بلا، حينها غادر وهو يقول : لا أريد أن أضيع وقتي في الحديث معك فهناك عملٌ ينتظرني !!.
شاهدت الكثير من العمالة المُخالفة والتي لا تُبالي بالنظام ولا تخاف العقاب، ينتشرون كذلك بمواقف المولات، والمجمعات التجارية والتي تجولت عليها بمركبتي راصدًا لتلك المخالفات ، كذلك بعضهم يُحيطون بأسوار الإدارات الحكومية والمدارس ، ومواقف المتنزهات، فهي مواقع تجلب لهم الزبائن، وتُمكنهم من امتهان ذلك العمل المُخالف، في ظل النظرة التي تحمل الغضب والعتب من قِبل عمالة مغاسل السيارات النظامية، والذين يشهدون انخفاضًا في الإقبال عليهم في ظل انتشار هذه العمالة التي تمتهن مهنتهم وتفرض سيطرتها على السوق دون تحمل أي رسوم لإيجار المحل أو تكلفة المواد المستخدمة في الغسيل، وتظل أعينهم تراقب وتراقب بحثًا وأملاً في القضاء على هذه المخالفات ومنع ظهورها .
وللدخول في عمق تلك المُخالفة، فإن ذلك العامل يستتر خلف هذه المهنة والتي تظهره متسولاً، حيث يجدها وسيلةً لجمع الأموال وتحصيلها باستعطاف الناس أثناء عرض تلك الخدمة عليهم، باعتبار أنهم وجدوًا أمانًا واستقرارًا" وبذلك أجزم أنا بمقولة : "من أمِنَ العقوبة أساء للأدب"، حيث بعضهم يرتاح وينام بين الأشجار التي تُحيط بين تلك المواقف، ويقضون حاجاتهم في المواقع نفسها، الأمر الذي زادَ من تلوث المكان.
وبعد هذا كله: هل ستتحرك الجهات المختصة بالطائف لرصد وضبط هؤلاء الغسالين، وإنقاذ جهود الأمانة في تحسين المظهر البصري، ومنع استخدام مواقعهم التي كانوا يجلسون فيها، ويقضون على ذلك التشوه البصري الذي بات مُقززًا للعين، وطاردًا للمارة.