(دارة الملك عبدالعزيز).. حيث يُروى التاريخ وتُحفظ ذاكرة التأسيس

(دارة الملك عبدالعزيز).. حيث يُروى التاريخ وتُحفظ ذاكرة التأسيس
تم النشر في

في قلب المشهد الثقافي والتاريخي للمملكة العربية السعودية تبرز دارة الملك عبدالعزيز بوصفها واحدة من أهم المؤسسات البحثية والتوثيقية التي تحفظ ذاكرة الوطن، وترصد مراحله المفصلية.

فمنذ تأسيسها عام 1392هـ/ 1972م اضطلعت الدارة بمهمة جمع وتوثيق ودراسة التاريخ السعودي؛ ليظل إرث السعودية الممتد لثلاثة قرون محفوظًا للأجيال القادمة.

وفي مناسبة يوم التأسيس 2025 يبرز دور الدارة بشكل استثنائي؛ إذ تعد المرجع العلمي الأول لمراحل نشوء الدولة السعودية، بداية من الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ / 1727م، مرورًا بالدولة السعودية الثانية، وصولاً إلى تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – عام 1351هـ / 1932م.

ومن هنا يصبح الحديث عن يوم التأسيس غير مكتمل دون الإشارة إلى هذه المؤسسة العريقة، التي تحمل على عاتقها مسؤولية حفظ الوثائق، والمخطوطات، والخرائط، والسجلات التاريخية التي تروي تفاصيل رحلة البناء والتوحيد.

دور الدارة في توثيق يوم التأسيس.. حيث يلتقي العلم بالتاريخ

لم يكن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بتحديد يوم 22 فبراير من كل عام يومًا للتأسيس إلا تأكيدًا لأهمية إحياء التاريخ السعودي الأول، وتعزيز وعي الأجيال بمراحل تطور الدولة.

وهنا برز دور دارة الملك عبد العزيز بوصفها الحارس الأمين لسجلات التأسيس، من خلال جهودها التي تتوزع على محاور أساسية عدة:

1- جمع وتحليل الوثائق التاريخية:

تمتلك الدارة أحد أكبر الأرشيفات التاريخية في السعودية؛ إذ تضم وثائق أصلية عن الأئمة الأوائل، والمراسلات السياسية، والتقارير الإدارية التي تعود لحِقب الدولة السعودية الثلاث.

وتسعى بشكل مستمر إلى توسيع قاعدة بياناتها، من خلال التعاون مع الأرشيفات الدولية؛ للحصول على الوثائق النادرة المتعلقة بتاريخ السعودية.

2- رقمنة التاريخ.. أرشفة الذاكرة السعودية: لم تعد الوثائق والمخطوطات محفوظة فقط داخل أروقة الدارة، بل بدأت المؤسسة منذ سنوات تنفيذ برنامج الأرشفة الرقمية، الذي يهدف إلى تحويل السجلات الورقية إلى قاعدة بيانات إلكترونية، تتيح للباحثين والجمهور الاطلاع عليها بسهولة.

هذه المبادرة جعلت المعلومات التاريخية أكثر وصولاً ودقة، وساعدت في إعادة قراءة فصول تأسيس الدولة السعودية بوسائل علمية متقدمة.

3- الإصدارات التاريخية.. حيث يُكتب التاريخ بأيدٍ سعودية: تولي الدارة اهتمامًا خاصًّا لإعداد وإصدار الكتب والموسوعات التي تتناول تاريخ الدولة السعودية، بدءًا من السجلات العسكرية والاقتصادية للدولة السعودية الأولى، وصولاً إلى تاريخ العلاقات الدولية للمملكة عبر الحقب المختلفة.

كما توفر الدارة تراجم وكتبًا عن شخصيات صنعت التاريخ السعودي، مثل الأئمة والملوك والقادة الذين كان لهم دور بارز في بناء الدولة.

4- إحياء التاريخ عبر المعارض والفعاليات: تُنظم الدارة فعاليات ومعارض سنوية، تهدف إلى عرض مراحل التأسيس بأسلوب بصري؛ إذ يتم تقديم الوثائق الأصلية، والصور التاريخية، والمخطوطات النادرة؛ لجعل التاريخ حكاية مرئية، ترويها المقتنيات والمصادر الموثوقة.

كما تسهم في تنظيم ندوات علمية ومؤتمرات دولية، تجمع نخبة من المؤرخين والباحثين المتخصصين في التاريخ السعودي.

التاريخ في خدمة المستقبل".. رؤية تتماشى مع التحولات الوطنية

لا تقتصر رسالة دارة الملك عبدالعزيز على التوثيق فقط، بل تتعداها إلى رسم مسار من خلال فهم الماضي.. وهذا ما ينسجم مع رؤية السعودية 2030 التي جعلت من الهوية الوطنية والتاريخية إحدى ركائزها الأساسية.

- تعمل الدارة على تعزيز الوعي الثقافي، وربط الجيل الجديد بإرث أجداده، من خلال وسائل تعليمية مبتكرة وبرامج وثائقية تفاعلية.

- تدعم مشاريع البحث العلمي؛ إذ توفر قاعدة بيانات ضخمة للطلاب والباحثين، وتفتح أبوابها أمام الدراسات التي تهدف إلى استكشاف مراحل تأسيس السعودية بمناهج بحثية متقدمة.

- تسعى إلى توظيف التقنيات الحديثة في إعادة سرد التاريخ، من خلال إنتاج أفلام وثائقية ومحتويات رقمية، تعكس التحولات التاريخية بأسلوب يتناسب مع متطلبات العصر الرقمي.

لماذا تُعد دارة الملك عبدالعزيز حجر الزاوية في حفظ تاريخ التأسيس؟

- المرجعية التاريخية الأولى: لا يمكن الحديث عن تأسيس الدولة السعودية دون الرجوع إلى وثائق وسجلات الدارة، التي تعد المصدر الأكثر موثوقية في هذا المجال.

- الاستثمار في المعرفة الوطنية: تقدم الدارة رؤية تاريخية شاملة، تدعم التعليم والبحث العلمي؛ ما يسهم في تكوين جيل واعٍ بهويته الوطنية.

- دمج الأصالة بالحداثة: من خلال رقمنة التاريخ، وإعادة تقديمه بأساليب عصرية، أصبحت الدارة نموذجًا في كيفية الحفاظ على التراث، وتقديمه للأجيال بأسلوب متطور.

- التفاعل مع الجمهور: لم تعد الدارة مؤسسة مغلقة على الباحثين فقط، بل تحولت إلى مركز ثقافي وتفاعلي، يجعل التاريخ السعودي متاحًا للجميع بأسلوب مشوق وسلس.

الملك سلمان.. المؤرخ الأول للمملكة وحامي تراثها الوطني

على مدى عقود شكلت دارة الملك عبدالعزيز إحدى أهم المؤسسات البحثية والتوثيقية في المملكة العربية السعودية؛ إذ أخذت على عاتقها حفظ وتوثيق تاريخ الدولة السعودية بمراحلها الثلاث؛ لتكون ذاكرة الوطن ومرجعه العلمي الأوثق.

وقد حظيت الدارة منذ تأسيسها عام 1392هـ / 1972م بدعم لا محدود من القيادة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله –، الذي يعد أحد أبرز الداعمين والمهتمين بالبحث التاريخي والتراث الوطني.

الملك سلمان.. المؤرخ الأول للمملكة وحامي تراثها الوطني

يُعرف الملك سلمان بشغفه العميق بالتاريخ، وإيمانه الراسخ بأن حفظ التاريخ هو حماية للهوية الوطنية.

ولم يكن اهتمامه بالدارة مجرد إشراف إداري، بل كان إحدى ركائز مشروعه الفكري والثقافي؛ إذ ترأس مجلس إدارتها لأكثر من 40 عامًا، وفي عهده تحولت الدارة إلى مؤسسة بحثية عالمية الطابع، تعمل وفق منهجيات علمية متقدمة.

واليوم يواصل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز والمستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، المسيرة التي وضع أسسها الملك سلمان، مستلهمًا منه الرؤية المتجددة لحفظ التاريخ، وتقديمه للعالم بأسلوب أكثر حداثة وشمولية.

وتحت قيادة سموه شهدت الدارة تطورًا نوعيًّا في برامجها ومبادراتها. ويُعد سموه من أكثر القيادات اهتمامًا بتعزيز التعاون بين الدارة والمؤسسات الأكاديمية؛ ما جعلها أكثر انفتاحًا على الأوساط العلمية، وأقرب إلى الأجيال الجديدة الباحثة عن المعرفة التاريخية بأسلوب حديث.

الدارة في يوم التأسيس.. ذاكرة الأمة وسِجل مجدها

في يوم التأسيس 2025 يبرز دور دارة الملك عبد العزيز كمؤسسة حيوية، تسهم في إبراز الهوية الوطنية السعودية؛ إذ كانت المصدر العلمي الذي استندت إليه الدولة في توثيق تاريخها، وتأكيد جذورها العريقة الممتدة لثلاثة قرون.

فبفضل جهود الملك سلمان وإدارة الأمير فيصل بن سلمان تحولت الدارة إلى حارس للإرث السعودي، ومرجع أساسي لكل من يبحث عن الحقيقة التاريخية الموثقة.

ومنذ تأسيسها حتى اليوم تبقى دارة الملك عبد العزيز شاهدة على التاريخ، وموثقة لمسيرة بناء الدولة، وناقلة للإرث السعودي العظيم للأجيال القادمة.

وبين الدعم العميق من الملك سلمان، والرؤية التطويرية للأمير فيصل بن سلمان، تستمر الدارة في أداء رسالتها الوطنية؛ لتبقى الذاكرة الحية للمملكة، والمصدر الأوثق لكل باحث ومهتم بتاريخ هذا الوطن العظيم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org