نختلف كثيرًا عندما نتحدث عن أيهما أهم، المال أم الإدارة؟ القدرة أم الإمكانية؟.. ويبقى السجال دائمًا بين الأشخاص في النقاش حول هذين الأمرين، ولكني أعتقد أن أهل العقل والحكمة يعرفون جيدًا أن الإدارة الجيدة والعقول الواعية هي التي تجذب المال، وليس العكس؛ لذا ما زلت دائمًا أقف في صف من يرى أن الإدارة أهم بكثير من المال؛ فقد يكون لديك مال قارون، ولكن لا تحسن التصرف ولا الإنفاق؛ فيصبح العمل والمال كلاهما في مهب الريح.
في الرياضة، التي هي اليوم صناعة واستثمار، لا شك أن المال يعد عصب العمل والنجاح.. ولكن رأينا في الكثير من الحالات وفي بعض الأندية كيف أن المال وحده لا يمكن أن يقدم لنا منجزًا أو عملاً بارزًا.
لقد تعلمنا من الرياضة أن الإدارة هي العصب الحقيقي والمهم في النجاح؛ لذا سأضرب مثالَيْن يؤكدان أن الإدارة فن، لا بد أن نجعله أولوية قبل المال. فنادي الاتحاد منذ بداية الموسم كنا جميعًا نعتقد أنه قادر على اكتساح كل البطولات، والبعض كان يرى أن وجود شخصية رياضية تملك الملاءة المالية سيكون سببًا في تحقيق المنجزات، ولكن خابت كل التوقعات، ورأينا الاتحاد يعيش أكثر المواسم سوءًا في تاريخه، وكاد يكون قاب قوسين أو أدنى من الهبوط. وفي الجانب الآخر نادي أبها الذي كان – ولا زال - يعاني الأمرين؛ فهو يفتقر لأبسط أدوات النجاح، بل إن أكثر ما يفتقده هو المال؛ فلم تكن خزانته في يوم من الأيام قادرة على تغطية النفقات الأساسية، ولا يمتلك رئيس ناد لديه الملاءة المالية، بل ليس لديه مقر؛ فإدارة النادي تدير ناديها من حديقة عامة في جنبات أبها، ويتمرن لاعبوه في ملاعب مستأجرة، ومع هذا ينافس على صدارة دوري الأمير محمد بن سلمان لأندية الدرجة الأولى من أول الموسم، وينافس بقوة على الصعود، بل هو اليوم أصبح أحد أندية دوري المحترفين. ونحن في الرياضة نعرف قوة المنافسة في دوري الدرجة الأولى، وهو النادي الصاعد من أندية الدرجة الثانية.
لعلي هنا، ومن خلال هذا الطرح، لا ألغي أهمية المال، ولكن يجب أن نضع الأولويات.. وعندما يتوافر المال لا بد من حُسن اختيار الإدارة التي تدير هذا المال، وعندما لا يوجد مال فأيضًا يجب أن نختار الإدارة التي تستطيع أن تصنع المال من خلال أدوات عملها وقدرتها على صناعة العمل، واتخاذ القرار. وفي مقالات عدة قلت، وأكرر اليوم، إننا نفتقر في رياضيتنا للعقول التي تدير المنظومة في مفاصلها كافة، ونحتاج لشخصيات تستوعب أهمية المرحلة، ولديها القدرة على إدارة العمل الرياضي بعيدًا عن فكر التعصب وعاطفة الجمهور، وتأصيل النظام وتطبيقه، وفهم واقعنا اليوم الذي يختلف كليًّا عن جميع المراحل السابقة.. فنحن اليوم نعاني من أزمة إدارة وقانون.