يبدو أن مستقبل العُلا السياحي والترفيهي سيكون عظيماً ومحورياً في قادم السنوات؛ نظراً لإمكانات المدينة وما تتمتع به من مزايا استثنائية، تجعل منها هدفاً رئيساً للسياح حول العالم.
هذا ما أكدته مقالة الكاتب "سايمون كالدر" في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية؛ تحت عنوان "لماذا يمكن أن تكون العُلا إحدى أكبر نقاط جذب للسياح في السعودية؟".
يقول كالدر، إن العُلا إحدى مدن المملكة المهمة، تقع في الشمال الغربي منها، وتتبع إدارياً إمارة منطقة المدينة المنوّرة، وتبعد عن مركز الإمارة تقريباً 300 كيلو متر شمالاً، وعاصمة لمحافظة العُلا. ويصل عمر الاستيطان البشري فيها إلى نحو 4000 عام، وهي إحدى أهم الوجهات السياحية في المملكة.
جبلان كبيران
وتقع مدينة العُلا بين جبلين كبيرين على وادٍ خصب التربة، تزرع فيه النخيل والحمضيات والفواكه، كما تتوافر المياه الجوفية علي مسافات قريبة رغم الشح الكبير في الأمطار، وهي من ضمن المواقع الأثرية المسجلة بمنظمة اليونسكو، وهي عاصمة الأنباط الثانية قديماً، ومناخها قاري حار صيفاً وبارد شتاءً، تتبعها قرابة 300 قرية.. وهي من أكبر وأهم المناطق الحضارية القديمة؛ كونها تقع على الطريق الرئيس للتجارة لشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر والعراق.
وبحسب ياقوت الحموي، نزل بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في طريقه إلى غزوة تبوك، وحدد بها مكاناً لمسجد وضع حدوده وبناه أهلها بعد ذلك، وأسموه مسجد العظام.
وكانت قديماً تُسمى دادان، ويروى أن سبب تسميتها بـ"العُلا" أنه كان بها عينان مشهورتان بالماء العذب، هما المعلق وتدعل، وكان على منبع المعلق نخلات شاهقات العلو يطلق عليها العلي.
التراث الثقافي
وتعد محافظة العُلا من أهم مواقع التراث الثقافي والحضاري عبر التاريخ في المملكة، وتحوي آثاراً عظيمة بعضها ظاهرة، وبعضها مدفون تحت الأرض، وبها آثار موغلة في القدم، كقوم ثمود، ومدائن صالح، والحجر.
وتخطط المملكة من خلال الاهتمام بمحافظة العُلا، جعلها أهم مزار في الشرق الأوسط، وتستهدف استقبال أكثر من مليون سائح من داخل المملكة وخارجها.
ونظراً لأهمية تطوير محافظة العُلا على نحو يتناسب مع قيمتها التاريخية، وما تشتمل عليه من مواقع أثرية، بما يحقق المصلحة الاقتصادية والثقافية المتوخاة، والأهداف التي قامت عليها رؤية المملكة 2030، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمراً ملكياً بإنشاء هيئة ملكية لمحافظة العُلا.
عروس الجبال
وعرفت العُلا، عند الباحثين، بعاصمة الآثار وبلد الحضارات، وسمّاها أهلها "عروس الجبال"، وعلى مقربة منها تقع مدائن صالح أو قرى صالح أو الحِجْر، وهي تسميات تطلق على مكان قوم ثمود والأنباط، حيث مقابرهم المنحوتة في الجبال التي تعرف عند أهل المنطقة بالقصور روعة النحت وجماله.
وتعد مدائن صالح موقعاً أثرياً، يقع في إقليم الحجاز في شبه الجزيرة العربية، شمال غرب المملكة، وتحديداً في محافظة العُلا التابعة لمنطقة المدينة المنوّرة.. يحتل المكان موقعاً إستراتيجياً على الطريق الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية ببلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، كما أن للمكان شهرته التاريخية التي استمدّها من موقعه على طريق التجارة القديم الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية والشام، والحِجْر اسم ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة المنورة وتبوك.
وورد ذكر الحِجْر في القرآن الكريم، على أنها موطن قوم ثمود، الذين استجابوا لدعوة نبي الله صالح، ثم ارتدُّوا عن دينهم وعقروا الناقة التي أرسلها الله لهم آية فأهلكهم بالصيحة.
مدائن صالح
وتعد مدائن صالح من أهم حواضر الأنباط بعد عاصمتهم البتراء، إذ تحتوي على أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط بعد البتراء في الأردن، التي تفصلها عنها مسافة 500 كم، ويعود أبرز أدوارها الحضارية إلى القرنين الأول قبل الميلاد والأول الميلادي، خلال فترة ازدهار الدولة النبطية وقبل سقوطها على يد الإمبراطورية الرومانية عام 106م، ويُعتقد أن الحِجْر استمرت في حضارتها حتى القرن الرابع الميلادي، وكانت عاصمة مملكة لحيان في شمال شبه الجزيرة العربية.
وتضم آثار مدائن صالح 153 واجهة صخرية منحوتة، كما تضم عدداً من الآثار الإسلامية التي تتمثل في عدد من القلاع وبقايا خط سكة حديد الحجاز والتي تمتد لمسافة 13 كم، وكذلك المحطة والقاطرات.
وفي سنة 2008م تم تسجيل الموقع ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، ليصبح بذلك أول موقع يتم تسجيله في المملكة. كما يوجد موقع أثري آخر يعرف بمدائن شعيب، يقع شمال غرب مدائن صالح، ويتبع منطقة تبوك، حيث يحتوي الموقع على آثار تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في مدائن صالح.