** القيادة من أهم عوامل التعرُّف على الحضارة على مدى العصور؛ إذ يدرس المؤرخون سِيَر القادة الذين شكَّلوا التاريخ لفهم الماضي، ويدرس المحللون سِيَر ومواقف القادة لفهم الحاضر واستشراف المستقبل؛ فرؤية القائد تحمل في طياتها مفاتيح المستقبل.
** وبقدر ما تكون الرؤية واضحة، والأهداف مرسومة، فإن ملامح الغد تتجلى من خلال قيادة التغيير تحقيقًا لمفردات الرؤية، وأهدافها التفصيلية، ووصولاً للتطور المنشود في أسلوبنا في التفكير والممارسة وأداء الأعمال.
** عندما أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رؤية السعودية 2030 كانت التحديات كبيرة، ومضامين الرؤية أكبر، وإحداث التغيير يفضي إلى نقلة نوعية، مخرجاتها قفزة هائلة على المستويات كافة، الاقتصادية والثقافية عامة، إلا أن القائد يملك الأدوات الكفيلة بالتنفيذ: تفكير عميق، واتخاذ قرار جريء؛ فكانت النتائج المتحققة على قدر الطموحات (عنان السماء).
** تشهد بذلك سجلات المنجز الحضاري الذي تحقق في أشهُر تعدل عقودًا، استرعت أنظار العالم، وسبقت قراءات المحللين، وخذلت توقعات المحبطين والمتشائمين والحاقدين.
** في أشهُر قليلة بدأ اقتصاد السعودية المعتمد على النفط كسلعة وحيدة يتنوع، ومصادر الدخل تتعدد، والشركات تتهافت؛ لتوفر العوامل الجاذبة المشجعة.. فبالرغم من الاضطرابات التي تشهدها الخارطة العربية إلا أن السعودية -بفضل الله، ثم حكمة قادتها- استثناء من ذلك كله: أمن وافر، واقتصاد قوي، ورؤية واضحة الأهداف والمعالم.
** الرؤية العميقة لم تركز على جانب دون آخر، بل هي رؤية تكاملية لوطن بحجم قارة، جعلت الإنسان محور اهتمامها، والرقي به هدفها، وتنمية الوطن لرفاهية المواطن منتجًا يتحقق.
** الشواهد كثيرة، والمجال لا يتسع لحصرها في مقالة.. ولعل مثالاً واحدًا في هذا الاتجاه يعكس الإرادة القيادية، وبُعد النظر، والحنكة التي يتمتع بها سمو ولي العهد: فطرح أرامكو للاكتتاب العام لم يكن ليتم في ظل تقديرات الاقتصاديين للقيمة السوقية للشركة الأكبر عالميًّا، وكانت تحليلات كثيرة تشكك في الأرقام المعلنة للأسهم، والقيمة الإجمالية للشركة.. جاء الطرح، وتم الاكتتاب، وبرزت الثقة.. ثقة القائد في قراراته، وثقة المواطن في رؤية قائده، وصدقت نظرة القائد، كما كانت في كل حدث وموقف.
** ولي العهد الأمين قائد ملهم، أطلق الرؤية لمرحلة ما بعد النفط، وأعلن أن ما تشهده السعودية ليس فقط مجموعة إصلاحات مالية واقتصادية لتحقيق أرقام محددة، وإنما هو تغيير هيكلي شامل للاقتصاد الكلي للمملكة، هدفه إحداث نقلة في الأداء الاقتصادي والتنموي على المديَيْن المتوسط والطويل.
** يومًا بعد آخر يشهد الوطن ثمرات هذه الرؤية المباركة، والقائد ابن سلمان بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين يمضي بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، ليس على مستوى الداخل فحسب، بل على المستوى الإقليمي والعربي؛ ليكون الشرق الأوسط أوروبا الجديدة، وسيكون -بإذن الله- طالما خلف ذلك الطموح القائد محمد بن سلمان.