في واحدة من الوقائع التي تبرهن على أن مليشيا الحوثي الانقلابية، ليست أكثر من أداة للمشروع التوسعي الإيراني، وأنها لا تملك أي قرار في إطلاق الصواريخ الباليستية، التي تستهدف بها المدنيين في السعودية، والتي بلغ عددها إلى اليوم 307 صواريخ، أقدمت المليشيا الإرهابية على توجيه صواريخها بليل إلى الرياض وجازان السبت الماضي، رغم يقينها أنها لن تكون بمأمن من العقاب، وأنها ستتعرض لضربات قاصمة من السعودية ردًّا على عدوانها؛ وهو ما تحقق بالفعل أمس بتنفيذ التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، عملية نوعية دمّر خلالها أهدافًا عسكرية مشروعة في عدد من المحافظات التي تسيطر عليها المليشيا، بينها الحديدة.
فلو كان الحوثيون يملكون أي قرار في عمليات الإطلاق المتكرر للصواريخ؛ لوضعوا رد الفعل السعودي في الاعتبار، ولتجنبوا الخسائر التي ستنجم عنه على قدراتهم.. أما وإنهم لم يراعوا ذلك، وخالفوا حتى منطق المحافظة على أنفسهم من الهلاك، فهم يثبتون للعالم أنهم ليسوا سوى مرتزقة يساقون إلى حيث تريد منهم إيران، التي تستعملهم كأدوات للدمار والتخريب سواء في داخل اليمن أو دول الجوار؛ لكن إذا كانت تلك استعداداتهم فليتيقنوا أن السعودية لن تفلتهم من العقاب عند كل اعتداء يرتكبونه في حق سيادتها، فلا يمكنها على الإطلاق السكوت عن استهداف مواطنيها والمقيمين على أراضيها؛ بل إن المتوقع الذي يجب أن يحسبوا حسابه، أنها ستمحو أي مصادر تشكل تهديدًا عليها، سواء كانت صواريخ، أو طائرات مسيرة، أو قدرات أخرى.
وتثبت الأهداف التي دُمرت أمس مدى الجدية الفائقة في تعامل السعودية مع مصادر التهديد؛ وذلك يبدو من استهداف "القدرات النوعية المتقدمة لمليشيا الحوثي الإرهابية؛ كتخزين وتجميع وتركيب الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار، وأماكن وجود الخبراء من الحرس الثوري الإيراني ومخازن الأسلحة"، وهي أهداف مشروعة في إطار تشكيلها للبنية التسليحية، التي يعتمد عليها الحوثيون في إطلاق الصواريخ على المملكة، وتبرز مشروعية الرد السعودي في اقتصار الضربات على الأهداف العسكرية، على النقيض من اعتياد مليشيا الحوثي على استهداف المناطق المدنية، والمنشآت المدنية كمطار أبها بالصواريخ الباليستية؛ ففي مقابل التزام السعودية بقواعد الاشتباك التي أقرها القانون الدولي في استعمال القوة خلال العمليات العسكرية، لا يراعي الحوثيين تمامًا تلك القواعد ويركزون استهدافهم على الأهداف المحرمة دوليًّا والتي تشكل جرائم حرب.
ويعطي المجال الواسع للإدانة الدولية للاعتداء الهمجي الحوثي على الرياض وجازان، دلالة واضحة على فداحة الجريمة التي ارتكبها الحوثيون في استهداف المدنيين في نظر المجتمع الدولي، فقد أعرَبَ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، عن انزعاجه الشديد للاعتداء الحوثي؛ مشددًا على أن الهجمات التي تمس المدنيين أو الأهداف المدنية بدون تمييز، سواء داخل اليمن أو خارجه، هي هجمات غير قانونية ومستهجنة، وأدانت واشنطن على لسان سفيرها في الرياض الهجمات الحوثية على الرياض وجازان، وصدرت إدانات مماثلة للاعتداءات عن بريطانيا وفرنسا ومصر والأردن وباكستان والإمارات ومنظمة التعاون الإسلامي والبرلمان العربي، ودول ومنظمات أخرى عديدة؛ فهل يعي الحوثيون الدرس ويفهمون جيدًا أن السعودية ستواجه أي تهديد لسيادتها بضربات قاصمة، وليس من الوارد أبدًا تهاونها في ذلك، كما حدث في توحد ردها على كل الاعتداءات التي ارتكبوها في حقها من قبل؟