يرى الكاتب الصحفي عبداللطيف الضويحي، أن المتقاعدين السعوديين يفضلون العيش في المدن السعودية البحرية حيث البحر وحياة الشواطئ، أو في مكة المكرمة والمدينة المنورة بسبب الأجواء الروحانية، وأخيرًا الريف والقرى من أجل الهدوء.. وطالَب الكاتب المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالاستثمار في هذه المدن وتبني إجراءات تجعل منها أماكن جذب للمتقاعدين بالسعودية والخليج، من خلال تجهيزها بالبنية التحتية والمصحات العلاجية الطبيعية، وسن التشريعات والأنظمة اللازمة لذلك مع التسهيلات التي عادة ما تقدّمها الدول لجذب واستقرار المتقاعدين؟
وفي مقاله "أفضل مدينة سعودية للمتقاعدين" بصحيفة "عكاظ"، يقول الضويحي: "ما الذي يبحث عنه المتقاعدون بعد تقاعدهم؟ ما هي حاجاتهم؟ لماذا ينتظر كثير من المتقاعدين لحظة تقاعدهم بفارغ الصبر، فيبدأون بتنفيذ خطط حياتهم ما بعد التقاعد، والتي عملوا عليها سنوات طويلة، مشتملة على كل الترتيبات المالية والاجتماعية والصحية؟.. ولماذا يقصد المتقاعدون دولًا ويستقرون في أماكن ووجهات بعينها؟ لماذا تتنافس الدول على الفوز برضا المتقاعدين وجذب اهتمامهم وتحقيق رغباتهم وحاجاتهم؟ كيف حافظت تلك الدول على ميزة جذب المتقاعدين واستمرارها بريادتها في جذب المتقاعدين لعقود من الزمن؟.. لماذا يفضل الفرنسيون وبعض الأوروبيين -على سبيل المثال- الاستقرار الجزئي أو الكلي في المغرب في المرتبة الثالثة بعد البرتغال وإسبانيا بعد تقاعدهم حسب بعض المؤشرات؛ بينما تأتي الدول الإسكندنافية أو بعضها في المرتبة الأولى عالميًّا كأفضل وجهة عالمية للمتقاعدين، حسب تصنيفات ومؤشرات أخرى؟".
ويمضي "الضويحي" متسائلًا: "هل الصدفة هي التي تجمع ما بين حاجة المتقاعد مع المكان المناسب لقضاء مرحلة التقاعد؟ أم أن هناك تخطيطًا لذلك؟ هل هو تخطيط المتقاعد وعمل المتقاعد؟ أم هو تخطيط الدول الجاذبة للمتقاعدين؟ أم هي ثقافات الشعوب والمجتمعات التي تعطي قيمة وأهمية للمتقاعدين ولا تعتبرهم أناسًا انتهت صلاحيتهم؟.. هل من دور لثقافات الشعوب في تفضيلاتهم للدول والأماكن ووجهاتهم وفي ترتيبهم لأولوياتهم ولاحتياجاتهم بعد تقاعدهم؟ هل تكفي مؤشرات السكن، والمزايا والخصومات، والتأشيرات والإقامة، وتكلفة المعيشة، والترفيه، والرعاية الصحية، والمناخ، والفرص، والتي يعمل بها المخططون لجذب المتقاعدين، هل تكفي، وهل تختلف من ثقافة لأخرى؟".
وعن المتقاعدين العرب، يقول "الضويحي": "ماذا عنا نحن العرب؟ هل يوجد لدينا نحن العرب ومنهم الخليجيون وبينهم السعوديون، ثقافة التقاعد والتخطيط لما بعد التقاعد؟ لماذا يتفاجأ بعضنا بتقاعدهم ويرتبك صحيًّا واجتماعيًّا وماليًّا بعد التقاعد وكأنه لا يعرف بأنه سيتقاعد؟ هل هي مشكلة الشعوب أم هي مشكلة الحكومات؟ لماذا يهدر بعضنا مرحلةً هي الأنضج والأثرى بين مراحل العمر لكثير من المتقاعدين؟ ما تأثير غياب وعي المتقاعد بأهمية هذه المرحلة وعدم الاستعداد لها؟ لماذا تهدر بعض الحكومات متقاعديها وتزهد فيهم اقتصاديًّا واجتماعيًّا؟.. هل يخطط العرب، ومنهم الخليجيون، وبينهم السعوديون لما بعد التقاعد؟ وما هي حاجات المتقاعدين منهم؟ وما هي الدول والأماكن والوجهات التي يقصدونها؟ ولماذا يقصدونها؟.. تتحدث بعض الأرقام عن أن هناك عددًا من السعوديين يقيمون في أكثر من دولة خارج المملكة؛ لكن هذا الرقم عام، ويدخل تحته الطلاب ورجال الأعمال وحتمًا المتقاعدون وغيرهم من الفئات، كما لا تتوفر أرقام دقيقة عن المتقاعدين الخليجيين والعرب بشكل عام، وقد تكون هناك إحصاءات عن المتقاعدين لبعض الدول العربية، لكنني لم أتوصل لها لحظة كتابة هذا المقال".
ويرصد "الضويحي" أفضل مدن السعودية للمتقاعدين، ويقول: "من هنا، وفي حدود معرفتي ومن واقع ملاحظاتي هناك نسبة من المتقاعدين السعوديين الذين يقصدون المدن السعودية البحرية؛ حيث يألف هؤلاء البحر وحياة الشواطئ والطقوس الرياضية البحرية والصيد والأكل البحري، بينما يؤثر البعض الاستقرار الجزئي أو الكلي في مكة المكرمة أو المدينة المنورة للتعبد والاستجمام والطاقة الروحية التي يجدها عادة زوار الأماكن المقدسة، كما أن شريحة ممن أعرفهم يأوون للريف والقرى لينعموا بالهدوء والسكينة والبساطة بعيدًا عن ضوضاء المدن وضجيجها".
ويُنهي "الضويحي" قائلًا: "في نهاية المطاف، أتوجه بسؤالي إلى وزارة الاستثمار وإلى وزارة البلديات والإسكان وغيرهما من الجهات المعنية: لماذا لا يوجد لدينا مدينة أو مدن ذات ميزة نسبية تستهدف المتقاعدين ويقصدها المتقاعدون؟ وأسأل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية: لماذا لا تستثمر جزءًا من رؤوس أموالها وأرباحها في تبني أهم ثلاث أو أربع مدن سعودية ذات خصائص مناخية وروحية وطبيعية مختلفة لجذب واستقرار المتقاعدين السعوديين وغير السعوديين من خلال تجهيز وتهيئة تلك الأماكن بالبنية التحتية والمصحات العلاجية الطبيعية، بالإضافة لسَن التشريعات والقوانين اللازمة لذلك مع التسهيلات التي عادة ما تقدّمها الدول لجذب واستقرار المتقاعدين؟".