أكّد فريقٌ طبي مختصّ في طب النوم بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة؛ أن سرعة التأقلم مع النوم أيام عيد الفطر تختلف من شخص إلى آخر؛ ففي حين أن البعض لا يجد أي صعوبة في التغيير السريع في نظام نومه، نجد أن الكثيرين يعانون من هذا التغير لفترات متفاوتة قد تصل إلى أيام.
واتفق كلٌّ من مدير مركز طب وبحوث النوم بجدة البروفيسور سراج عمر ولي، والدكتور فارس الحجيلي استشاري أمراض الجهاز التنفسي واضطرابات النوم، والدكتورة رانيا الشمراني استشارية طب الأطفال العام والأمراض الصدرية للأطفال وأمراض النوم للأطفال والبالغين، والدكتور وائل العمودي استشاري طب النوم، والدكتور عمر قصي قنبر الباحث في طب النوم؛ على أنّ من التغييرات الكبيرة التي تحدث بحلول العيد هي تغير دورة وطبيعة النوم بشكل كبير لدى الجميع؛ إذ تمتدّ ساعات السهر أكثر بسبب مناسبات العيد والرحلات والترفيه.
ولفتوا إلى أنّه من الأمور الخاطئة التي ينتهجها البعض عدم إعطاء الجسم كفايته من ساعات النوم والراحة، وهنا قد يتعرّض الفرد لنعاس متكرر والشعور بالتعب والإرهاق والخمول؛ إذ تتضمّن مراحلُ النوم الصحي مجموعةً من السلوكيات التي يجب أخذها في الاعتبار لتفادي أي مشاكل مرتبطة بالنوم أيام العيد.
ولخّص الأطباء أهم النصائح والحلول في إعطاء الجسم مقدار النوم الطبيعي؛ فالنوم الطبيعي يتفاوت من شخص إلى آخر، وقد يتراوح بين 7-9 ساعات عند البالغين، وقد يكون أقلّ، مع ضرورة النوم والاستيقاظ والفرد بكامل حيويته هو من أهم أهداف النوم الصحي.
وشدّدوا على ضرورة أن تكون علاقة الفرد بغرفة نومه علاقة مرتفعة، بمعنى: أن تكون غرفة مهيّأة بكل متطلّباتها للنوم فقط، مع تحديد وقت ثابت للنوم والاستيقاظ يوميًّا، على أن ينطبق ذلك على أيام الإجازات، والتوقف عن مشروبات الكافيين كالشاي والقهوة قبل النوم بأربع ساعات على الأقل، وممارسة أي نشاط رياضي يوميًّا؛ لما للرياضة من دور مهم في الحفاظ على صحة الجسم والنوم الصحي.
وبيّنوا أن الجسم يستجيب جيدًا للروتين؛ لذا يجب على كل فرد أن يخطط ليومه في أيام العيد، ويحاول أن يوفّر لنفسه وقتًا للحصول على قسط كاف من النوم؛ لذلك يُنصح بتحديد مواعيد النوم والاستيقاظ، ومحاولة الالتزام بذلك حتى يحصل الفرد على عدد ساعات النوم الكافية.
وتابع الفريق الطبي: أن لفسيولوجية النوم واليقظة لدى الإنسان دورًا في تنظيم وظائف جهازه المناعي؛ إذ أثبتت دراساتٌ عديدة علاقةَ النوم بالجهاز المناعي وأثر الحرمان من النوم على الجهاز المناعي، وقد خلصت في مجملها إلى أن الحرمان من النوم يُضعف الجهاز المناعي، ويساعد على العدوى بالبكتيريا والفيروسات المختلفة؛ لذا يجب إعطاء النوم أهميته، وألا يكون جانبًا مهملًا يؤدي مع مرور الوقت إلى أضرار جسيمة.
وأوضحوا أن النوم الصحي يعتبر بمثابة الغذاء الذي يحتاج إليه الدماغ والجسد، بينما السهر وسوء النوم يدفعان الجسد إلى أن يتفاعل "عن طريق هرموناته" بشكل غير مستقرّ وغير متوقّع؛ فعلى سبيل المثال اضطراب إفراز الأنسولين في الجسم، والذي يؤدي بدوره إلى اضطراب طريقة الجسم في التعامل مع السكر أو حرقه ليمدّ الجسم بالطاقة، وبالتالي يتم تخزينه في الجسم على شكل دهون، كما أن جهاز المناعة أثناء النوم الصحي يقوم بإنتاج موادّ وقائية لمكافحة العدوى، ومن هذه المواد السيتوكينات؛ حيث تساعد على النوم، وتمدّ الجهاز المناعيّ بالطاقة اللازمة للدفاع عن الجسم ضد البكتيريا والفيروسات.
وحذّر الفريقُ الطبي الأطفالَ الصغار من كثرة استهلاك الأجهزة الإلكترونية؛ فالعيد لا يبرّر السهر وراء الأجهزة؛ إذ إن هناك ضوابطَ وقواعدَ لاستخدام هذه الوسائط الرقمية التي ينصح بالبدء بها في عمر مبكّر؛ حيث توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بأنْ تأخذ هذه الضوابطُ في الاعتبار عمرَ كل طفل، وصحته، وشخصيته، ومرحلة نموه، فليس هناك أدنى شك بأن الأطفال تأثروا كثيرًا من هذه التقنيات التي أصبحت الآن بالنسبة لهم خير صديق وجليس، كما أن استخدام الشاشات قد يؤثر على سرعة نوم الأطفال وطول فترة نومهم، ويحدث هذا لعدة أسباب واعتبارات؛ منها أن استخدام الشاشة قبل النوم يعمل على تحفيز الأطفال وزيادة نشاطهم، كما أن الضوء الأزرق من أجهزة التلفزيون وشاشات الكمبيوتر والهواتف والأجهزة اللوحية قد تقلّل من مستويات الميلاتونين، وتؤخر الشعور بالنعاس.