تشهد المنطقة العربية، بمشيئة الله، كسوفًا جزئيًّا للشمس، يوم الأحد المقبل، يشاهِد من جميع الدول العربية ما عدا معظم المملكة المغربية ومعظم موريتانيا، ويشاهد ككسوف حلقي من أجزاء من السودان واليمن والسعودية وسلطنة عمان.
وتفصيلًا، أوضح المهندس محمد شوكت عودة، مدير مركز الفلك الدولي لـ"سبق"، قائلًا: "يحدث الكسوف الحلقي للشمس عندما يقع القمر بين الأرض والشمس ويكون قُطره الظاهري أصغر من قطر الشمس الظاهري بقليل؛ فيحجب الشمس ويبقى منها قطعة محيطة بالقمر على شكل حلقة مضيئة؛ ولذلك يسمي بالكسوف الحلقي.
وبالنسبة للدول العربية، فأشار إلى أن المناطق التي ستشاهد الكسوف الحلقي تقع داخل شريط ضيق يبدأ من جنوب السودان ويكون عرضه هناك 65 كيلومترًا ويتجه شرقًا، ويستمر بالتناقص ليمر فوق اليمن ثم السعودية ثم سلطنة عمان، ويصبح عرضه في شرق السلطنة 33 كيلومترًا فقط! وفي حين أن أجزاء من هذه الدول ستشهد الحدث ككسوف حلقي؛ فإن باقي أجزائها وباقي الدول العربية ستشهده ككسوف جزئي.
وأضاف: "بالنسبة للسودان سيمر شريط الكسوف الحلقي فوق منطقة صغيرة جدًّا تقع في أقصى جنوب شرق السودان في المنطقة الحدودية مع جمهورية جنوب السودان يبلغ طولها 14 كيلومترًا فقط! ثم يمر فوق أثيوبيا ثم أريتريا ثم البحر الأحمر، ويشاهد الكسوف ككسوف جزئي من باقي مناطق السودان. وسيكون الكسوف الحلقي المقبل في السودان عام 2038م بمشيئة الله.
وقال: "بالنسبة لليمن، سيمر الشريط الضيق للكسوف الحلقي من جنوب الحديدة مرورًا بالجبين وجنوب مدينة صنعاء ثم مدينة مأرب ثم شمال محافظة حضرموت، ويشاهد الكسوف ككسوف جزئي من باقي مناطق اليمن. وسيكون الكسوف الحلقي المقبل في اليمن عام 2049م بمشيئة الله".
وبالنسبة للمملكة العربية السعودية؛ فبيّن الفلكي "عودة" أنه سيمر شريط الكسوف الحلقي فوق منطقة نائية من الربع الخالي في جنوب شرق المملكة؛ بحيث يبدأ من مدينة الخرخير الحدودية مع اليمن وينتهي في مدينة عردة الحدودية مع سلطنة عمان، ويشاهد الكسوف ككسوف جزئي من باقي مناطق السعودية، وقد كان آخر كسوف حلقي شهدته المملكة عام 2019م وسيكون المقبل عام 2049م بمشيئة الله.
وحذّر مدير مركز الفلك الدولي من النظر مباشرة نحو الشمس وقت الكسوف؛ فذلك قد يؤدي إلى تلف في العين قد يصل إلى درجة العمى الدائم، وهذا التحذير ساري المفعول وقت الكسوف وغيره؛ فلا توجد أشعة خاصة وقت الكسوف؛ إلا أن الكسوف سيكون دافعًا قويًّا للنظر مباشرة نحو الشمس؛ مما يؤدي إلى إصابة العين بأضرار متفاوتة. وأن تشعر أن أشعة الشمس غير مؤذية وبإمكانك النظر إليها هو شعور خاطئ، فعدسة العين تعمل كعمل مكبر صغير، فعندما تنظر إلى الشمس فإن أشعتها ستتركز على الشبكية، وبالتالي قد تحرقها وهذا مشابه تمامًا لما يحدث عندما تُوَجه المكبر على ورقة لتحرقها بأشعة الشمس، والخطر الأكبر يكمن في أن الشبكية لا تمتلك مستقبلات للألم؛ فالراصد لا يشعر بالكارثة إلا بعد ساعات من ذلك.
وأشار إلى أن الكلام يعيد نفسه عند استخدام بعض المرشحات التي ساد الاعتقاد بأنها آمنة، فكون أشعة الشمس غير مؤذية عبر المرشح فهذا لا يعني أنه يمكنك النظر بأمان إلى الشمس، فهناك الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية، فالمرشح يجب أن يحتوي على طبقة من الألمنيوم أو الكروم أو الفضة لمنع الأشعة تحت الحمراء من الوصول لعينيك، ومن المرشحات غير الآمنة أيضًا صور الأشعة الطبية المستخدمة والنظارات الشمسية.
وأكد أنه من الطرق الآمنة لرصد الكسوف بالعين المجردة، استخدام النظارات الشمسية الخاصة لرصد الكسوف، وفي العادة توفر الجمعيات لفلكية عددًا منها للمهتمين، أو استخدام المرشح المستخدم في أعمال تلحيم الحديد ذي الرقم 12 أو 14 فقط.
هذا وسيقوم مركز الفلك الدولي -بمشيئة الله- ببث حي ومباشر لوقائع الكسوف من مدينة أبو ظبي من الساعة الثامنة صباحًا إلى الساعة الحادية عشرة ظهرًا بتوقيت الإمارات، ويمكن متابعة البث المباشر على قناة المركز على اليوتيوب وعلى صفحة المركز على الفيسبوك.
وذكر الفلكي "عودة" أن الكسوف عبارة عن ظاهرة فلكية تحدث عندما يقع القمر بين الشمس والأرض، فعندها تختفي الشمس خلف القمر إما كليًّا أو جزئيًّا، ويرى القمر بحجم الشمس على الرغم من أنه أصغر منها بـ400 مرة لأنه أقرب من الشمس بـ400 مرة، ولو كان قُطره أقل بـ225 لَمَا أمكننا رؤية أي كسوف كلي، ولو كان بُعده نصف المسافة الحالية لأصبح الكسوف شهريًّا، ويقدر بأن شخصًا من كل 25 ألف شخص تسنح له الفرصة لرؤية كسوف كلي! ويبلغ معدل تكرار الكسوف الكلي فوق نفس المنطقة كل 360- 400 سنة!
وتابع: "ولرؤية الكسوف لا بد من توفر شرطين: الأول هو وجود الشمس فوق الأفق وقت الكسوف، والثاني هو أن يكون موقعنا على الأرض مناسبًا لرؤية الكسوف فقد تكون الشمس مشرقة على منطقة وهي مكسوفة وتكون في نفس اللحظة مشرقة فوق منطقة أخرى؛ إلا أنها غير مكسوفة على الإطلاق! وهذا يتضمن أن مواعيد بداية ونهاية الكسوف ونسبة ما يكسف من الشمس لنفس الكسوف تختلف من منطقة لأخرى، ويقسم الكسوف إلى أربعة أنواع:
1- الكسوف الكلي: وعندها يحجب القمر جميع قرص الشمس وهو يمثل 28% من الكسوفات، وفي هذه الحالة تشهد بعض المناطق كسوفا كليًّا وأخرى جزئيًّا، ومناطق أخرى لن تشهد الكسوف.
2- الكسوف الجزئي: وعندها يحجب القمر جزءًا من قرص الشمس وهو يمثل ما نسبته 35% من الكسوفات، وفي هذه الحالة تشهد جميع المناطق -التي ستشهد الكسوف- كسوفًا جزئيًّا، ومناطق أخرى لن تشهد الكسوف.
3- الكسوف الحلقي: حيث إن بُعد القمر عن الأرض غير ثابت وبُعد الأرض عن الشمس غير ثابت؛ فإن قطر القمر يكون أحيانًا أصغر من قطر الشمس؛ فإذا ما وقع القمر بين الأرض والشمس وقتئذ فإن الشمس ستبدو على شكل حلقة مضيئة محيطة بالقمر الأسود، وتمثل الكسوفات الحلقية ما نسبته 32% من الكسوفات. وفي هذه الحالة تشهد بعض المناطق كسوفًا حلقيًّا وأخرى جزئيًّا، ومناطق أخرى لن تشهد الكسوف.
4- الكسوف الخليط: ويمثل ما نسبته 5% من الكسوفات، وفي هذه الحالة تشهد بعض المناطق كسوفًا كليًّا وآخر حلقيًّا وآخر جزئيًّا، ومناطق أخرى لن تشهد الكسوف. وسمي خليطًا لأنه يشاهد كليًّا في مناطق ويشاهد حلقيًّا في مناطق أخرى في نفس الكسوف.