حملات شعبية وجسور إغاثية ودبلوماسية هادئة.. أحرف سعودية من نور في دعم فلسطين عالميًا

مواقف راسخة لم تحد عنها المملكة منذ عهد "المؤسس" وأبنائه وصولاً للملك سلمان وولى العهد
حملات شعبية وجسور إغاثية ودبلوماسية هادئة.. أحرف سعودية من نور في دعم فلسطين عالميًا
تم النشر في

إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة في إنهاء الاحتلال وتقرير مصيره، ركائز سعودية ومواقف تاريخية سجلتها المملكة بأحرف من نور، في دعم القضية الفلسطينية.

ركائز لم تتغير على مدار التاريخ، بل إن المملكة رهنت أي تقدم في مسار السلام العربي -الإسرائيلي، بالاعتراف أولاً بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع المحاصر.

حضور في كافة المحافل

كانت القضية الفلسطينية حاضرة دائمًا أينما حضرت المملكة، في المحافل الدولية والمناسبات السياسية والدولية، ولا أدل على ذلك من كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء؛ حيث أقام، حفظه الله، نيابة عن خادم الحرمين في الديوان الملكي بقصر منى، حفل الاستقبال السنوي لأصحاب الفخامة والدولة، وكبار الشخصيات الإسلامية، وضيوف خادم الحرمين الشريفين، وضيوف الجهات الحكومية، ورؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج الذين أدوا فريضة الحج لهذا العام.

وخلال الحفل لم يفت سمو ولي العهد أن يشدد على أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والدعوة لوقف الجرائم في غزة حيث قال، حفظه الله: "يحل علينا عيد الأضحى المبارك، مع استمرار الجرائم الشنيعة على أشقائنا في قطاع غزة، وإننا إذ نؤكد ضرورة الوقف الفوري لهذا الاعتداء؛ فإننا نناشد بأهمية تحرك المجتمع الدولي لاتخاذ جميع الإجراءات، التي تضمن حماية الأرواح في غزة، كما نؤكد أهمية تنفيذ القرارات الصادرة مؤخراً من مجلس الأمن الدولي، بشأن مقترح الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وتجدد المملكة دعوتها للمجتمع الدولي، بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية؛ لتمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من الحصول على حقوقه المشروعة؛ وليتحقق السلام الشامل والعادل والدائم".

ولعل هذه الكملة التي ألقيت في أعظم شعيرة إسلامية، وفي أقدس البقاع، وبحضور دولي وإسلامي وعربي توضح بجلاء موقف المملكة الراسخ من قضية فلسطين.

مواقف المملكة في دعم القضية الفلسطينية

بثقلها السياسي العربي والدولي، تحركت المملكة في مسار ثابت وذكي، استغلت فيه مكانتها الإسلامية والسياسية والاقتصادية على المستوى العربي والإسلامي والدولي، من أجل القضية الفلسطينية، تحركات جعلت الدول تستمع إلى صوت العدل وصوت الإنسانية، بل إن بعض الدول التي كانت تساند إسرائيل سارعت الخطى لاتخاذ قرار الاعتراف بفلسطين، مما جعل فجر إنشاء دولة مستقلة اسمها فلسطين، على أساس سلام دائم، على وشك البزوغ.

دعم يتصدر سياسات المملكة الخارجية، والتي اتخذت من القضية الفلسطينية قضية أولى لها، لم تثنها عنها أي ضغوط، وتحملت لأجلها الصعاب، فوضعت مسألة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، ضمن أجندتها الدائمة في الاجتماعات الدولية التي تستضيفها أو تكون طرفًا فيها، ومارست لأجل المضي قدمًا في ذلك الطريق، ضغوطًا دولية تعددت وتزامنت مستوياتها.

تحشيد أعاد قضية فلسطين إلى الواجهة؛ وظهر بشكل واضح قبل أحداث طوفان الأقصى الأخيرة والتي بدأت قبل 9 أشهر، فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، جعل اسم القمة العربية التاسعة والعشرين التي عقدت عام 2019 في مدينة الظهران، بـ"قمة القدس".

تسمية كانت معبرة عن أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للمملكة، بشكل بدا جليًا في كلمة خادم الحرمين، والتي قال فيها: "ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين"، مضيفًا: "القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى وستظل كذلك، حتى حصول الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة؛ وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

وشدد خادم الحرمين على أن "القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية"، معلنًا عن تبرع المملكة بمبلغ 150 مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في. القدس، وبمبلغ 50 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا".

دعم أكده وأرساه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في كلمته خلال الدورة العادية الثالثة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة والذي عقدت الشهر الماضي في البحرين.

كلمة تضمنت دعمًا غير محدود ورسائل للعالم الغربي، فأكد ولي العهد، على "ضرورة العمل لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية مبنيّ على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بما يكفل حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية".

وشدد، حفظه الله، على ضرورة مواصلة العمل المشترك لمواجهة العدوان الغاشم على الأشقاء في فلسطين، وقيام المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه الوقف الفوري لعدوان قوات الاحتلال وإيصال المساعدات الإنسانية، وضرورة العمل لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية مبنيّ على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بما يكفل حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

رسائل لم تتغير على مدار الزمان وجهود ومواقف لم تكل أو تمل بمضي الأيام، ذكر بعضًا منها ولي العهد بقوله، إن المملكة حرصت على بلورة مواقف مشتركة تجاه القضايا الإقليمية والدولية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فاستضافت القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية، لبحث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وصدر عنها قرار جماعي تضمَّن إدانة هذا العدوان ورفض تبريره تحت أي ذريعة، وتشكلت إثر ذلك في تلك القمة لجنة عربية - إسلامية مشتركة من وزراء الخارجية لبدء تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء لوقف الحرب على غزة.

ليس هذا فحسب، بل إن المملكة أطلقت حملة شعبية لمساعدة الأشقاء في فلسطين تجاوزت 700 مليون ريال سعودي، وسيَّرت جسوراً جوية وبحرية لإيصال مساعدات إلى قطاع غزة، وواصلت دعمها لجهود المنظمات الدولية في ظل الأوضاع المأساوية التي يشهدها القطاع.

اعترافات دولية بفلسطين بعد جهود سعودية

المملكة حولت موقفها تجاه فلسطين إلى برنامج عمل؛ فما إن التأمت القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، أواخر نوفمبر الماضي، حتى بدأ تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة. تحرك دولي بقيادة السعودية وبعضوية وزراء خارجية السعودية والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، طاف عدداً من الزيارات لعواصم أوروبية ودولية فاعلة، فضلاً عن سلسلة من الاجتماعات.

تحركات آتت أكلها، بإعلان سلوفينيا مرسومًا يعترف بدولة فلسطين، إضافة إلى ثلاث دول أوروبية أخرى، وهي إسبانيا وإيرلندا والنرويج، وأربع دول تقع في منطقة الكاريبي وهي: جامايكا وترينيداد وتوباغو وبربادوس وجزر الباهاما.

قائمة دفعت العالم إلى إعادة ترتيب أولوياته والتفكير باعتراف دولة فلسطين، وخاصة مع الضغط السعودي الحاشد في الاجتماعات والمنصات الدولية، إضافة إلى رهنها المسار العربي – الإسرائيلي بالاعتراف بفلسطين.

ذلك الموقف تبلور، في بيان صادر الشهر الماضي عن وزارة الخارجية، أكدت فيه، أنه فيما يتعلق بالمناقشات الجارية بين المملكة وأمريكا، بخصوص مسار السلام العربي - الإسرائيلي، فإنه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة.

موقف استغلته المملكة لدعوة المجتمع الدولي - وعلى وجه الخصوص - الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية بأهمية الإسراع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتهاالقدس الشرقية ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وليتحقق السلام الشامل والعادل للجميع.

دعم على أكثر من صعيد

بالتوازي مع الضغوط الدولية والسياسية، كانت المملكة على الأرض تتحرك لدعم الفلسطينيين، وتخفيف معاناة النازحين الذين وصل تعدادهم وفق تقارير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا إلى نحو مليوني نازح، بما نسبته 85% من مجمل سكان قطاع غزة.

ومدت المملكة جسور المساعدات الإغاثية التي شملت خيامًا وأدوية ومواد غذائية، وداومت على التواصل مع الحكومة الفلسطينية لتنسيق الجهود السياسية والقانونية لفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات للمنكوبين والنازحين في قطاع غزة الذين يعيشون ظروفًا إنسانية قاسية وصلت لمرحلة المجاعة.

ليس هذا فحسب، بل إنها فتحت الباب لمواطنيها للمساهمة في الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما لقي صدى واستجابة كبيرين، بتجاوز مجموع التبرعات التي تلقتها منصة "ساهم" ضمن الحملة أكثر من 689 مليون ريال سعودي.

ومن بين الجهود -كذلك- سير مركز الملك سلمان للإغاثة، جسرًا جويًا وجسرًا بحريًا لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، شمل حتى الآن 38 طائرة إغاثية، و5 بواخر.

جسران يحملان على متنهما مواد غذائية، وحقائب إيوائية، ومستلزمات طبية لسد احتياج المستشفيات هناك، إلى جانب إرسال 20 سيارة إسعاف متضمنة التجهيزات الطبية الضرورية.

كما وقع مركز الملك سلمان للإغاثة أربع اتفاقيات تعاون مشترك مع الأونروا، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبرنامج الأغذية العالمي، واتفاقية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بقيمة إجمالية بلغت150 مليون ريال.

ذلك الدعم كان له أبلغ الأثر في التخفيف من المجاعة في غزة، وإيواء الأسر التي فقدت منازلها ونزحت بفعل القصف الإسرائيلي، مما نشر بصمات الخير للمملكة في كل بقاع غزة؛ ومنها الحي السعودي الذي يقع أقصى جنوب غرب مدينة رفح، والذي أنشئ بتمويل سعودي كامل قبل عقد ونصف من الزمن، ويضم آلاف الوحدات السكنية، وبدأ يفد إليه نحو ربع مليون نازح وصلوا من شمال ووسط قطاع غزة إلى مدينة رفح التي باتت تحتضن أكثر من نصف سكان القطاع من الفارين من جحيم القصف الإسرائيلي.

كيف يرى العالم الجهود السعودية؟

عدد من السفراء الأجانب لدى المملكة، أشادوا بالدور السعودي في دعم القضية الفلسطينية في المحافل الإقليمية والدولية، والجهود التي بذلتها الرياض تجاه حشد موقف دولي يدفع العديد من الدول في العالم تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ففي تصريحات لوسائل إعلام سعودية، أثنى سفير جيبوتي ضياء الدين بامخرمة، على الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، قائلاً: «من العدل والإنصاف القول بأن السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى عهد الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وقفت بصدق لمناصرة الشعب الفلسطيني منذ بداية مأساته».

الدبلوماسي الجيبوتي أضاف: نستذكر موقف الملك سعود الذي سلّم لأحمد الشقيري، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، مقعد السعودية في الأمم المتحدة حتى يستطيع، ممثل الشعب الفلسطيني أن يدافع عن قضية بلاده ليس من موقع الفلسطينيين فحسب وإنما من موقعه كممثل للسعودية في الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن السعودية بوصفها السند الرئيسي للفلسطينيين على مر تاريخها قامت بدور فاعل من أجل تحقيق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين. واعتبر الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين، ثمار هذا العمل الدؤوب للدبلوماسية السعودية التي تساندها دول عربية وإسلامية لدعم هذا الموقف.

الأمر نفسه أشار إليه السفير الموريتاني لدى المملكة محمد النبوت، والذي قال إن الدور السعودي في دعم القضية الفلسطينية يعد «مهماً يذكر فيشكر» مشددًا على أن المملكة رائدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

بدوره، ثمن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد عبدالكريم العيسى، الجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، لنصرة القضية الفلسطينية، والوقوف بحزم إزاء الجرائم المروعة في غزة.

الفلسطينيون والدور السعودي

الرئاسة الفلسطينية، ثمنت الموقف السعودي الصلب لتجسيد حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مشيدة بالمواقف السعودية التاريخية الأصيلة والثابتة تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

وأكدت الرئاسة الفلسطينية ثقتها بهذا الدعم السعودي الراسخ والصلب، في هذه الظروف الخطيرة التي تمر بها المنطقة والعالم، والذي ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

الأمر نفسه أشار إليه باسم الآغا، سفير دولة فلسطين لدى المملكة، والذي أكد أن السعودية قادت تحركاً عربياً ودولياً لوقف العدوان على غزة، مما أسهم في دفع دول أوروبية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية والضغط على إسرائيل لوقفالمجازر بحق الشعب الفلسطيني، وأظهر للعالم قوة الموقف الفلسطيني الذي يدعمه وقوف المملكة وقيادتها إلى جانبه.

من جهته اعتبر حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحريرالفلسطينية، أن التحرك السعودي السياسي، تجاه القضية الفلسطينية، ينبع من موقف المملكة التاريخي الثابت والراسخ في دعمها وإسنادها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وبحسب المسؤول الفلسطيني، فإن المملكة توظف ثقلها العربي والإسلامي والدولي عبر دبلوماسيتها الهادئة، لتجنيد كل هذا التحرك من أجل عزل إسرائيل، وإدانة سلوكها ومواقفها من جهة، ودعم الحق الفلسطيني من جهة أخرى، مما أثمر عن إنجازات كثيرة على كل المستويات الإقليمية والدولية.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org