"الرزانة المحترفة".. "كاتب" يدعو للتعامل بمهنية وموضوعية في صياغة الخبر الصحفي

قال: الإثارة "جنك فود" الصحافة ووجودها بقدر مناسب ومعقول في الخبر أمر مقبول
الكاتب في صحيفة المدينة الدكتور سعود كاتب
الكاتب في صحيفة المدينة الدكتور سعود كاتب
تم النشر في

دعا الكاتب في صحيفة المدينة الدكتور سعود كاتب، إلى التعامل بالموضوعية في صياغة وإعداد الخبر الصحفي؛ مؤكدًا ضرورة أن تكون الإثارة متوازنة؛ أي رزانة محترفة.

وقال "كاتب" في مقاله المنشور اليوم بصحيفة المدينة تحت عنوان "المبالغة في الأداء الإعلامي": "خلال مشاهدتي لأحد البرامج التلفزيونية الأمريكية، استوقفتني كلمة ضِمن عبارة قالها المخرج بغضب للممثل وهي: "overacting"، وترجمتها التي تحضرني هنا باللغة العربية هي "المبالغة في الأداء". والكلمة هي في الواقع مصطلح شائع ومعروف في مجال التمثيل، ويعتبر من العيوب التي يقع فيها غالبًا الممثل السيئ أو غير المحترف، وينتج عنه التأثير سلبًا على المشهد، وعدم اقتناع وقبول المشاهد له.

وأضاف: على الرغم من أن هناك الكثير جدًّا مما يمكن قوله حول "المبالغة الممجوجة" في الدراما الخليجية؛ إلا أنني في مقالي هذا سوف أتناول تأثير تلك المبالغة على مجال آخر هام هو الصحافة، والتي أرى أن معاناتها بهذا الخصوص لا تقل عن معاناة "الدراما الخليجية"، وهي معاناة يمكن أن تُفقد العمل الصحفي مصداقيته ومهنيته وقدرته على التأثير والإقناع.

وتابع: يمكن ملاحظة التأثير السلبي للمبالغة المفرطة على الصحافة؛ وذلك بالنظر إلى جوانب الإثارة الصحفية.

وقال: لا خلاف في كون الإثارة في العمل الصحفي أمرًا مطلوبًا؛ لكونها تخدم الخبر وتساهم في رواجه وانتشاره، وهي بذلك أشبه ما تكون بالوجبات السريعة التي نعرف جميعًا أنها ضارة للصحة؛ ولكننا مع ذلك نُقبل أحيانًا عليها ونستمتع بها. فالإثارة إذا هي "جنك فود" الصحافة، ووجودها بقدر مناسب ومعقول في الخبر هو أمر مقبول بحدود؛ في حين أن زيادتها عن الحد المطلوب ينتج عنه تغيير المعنى وفقدان المتلقي لثقته بالوسيلة واحترامه لها. والوسيلة الرزينة المحترفة هي التي تمتلك المهارة لصناعة محتوى يجمع بين الجاذبية والحقيقة، وهي مهارة لا توجد اليوم في زمن هوس المشاهدات والمتابعات، سوى لدى قلة من الصحفيين الحقيقيين المحترمين.

وبيّن "كاتب" أن المبالغة في الشيطنة والملائكية؛ وهي المبالغة في المدح أو الذم؛ هي علامة واضحة وصريحة على تقديم الصحفي لميوله وعاطفته ومصلحته على الحقيقة، وعلى سمعة واحترام الوسيلة التي يعمل بها. ولمن يرغب في رؤية أمثلة واضحة على ذلك، فعليه بكل بساطة الولوج إلى عالم صحافتنا الرياضية والتي تجردت -إلا من رحم ربي- من أبسط درجات الحشمة والمهنية واحترام المتلقي.

وأشار إلى أن الصحافة الرزينة هي تلك التي تسعى دومًا وراء الحقيقة، وتتجنب الانحياز والكذب وليّ عنق الحقائق. وهنا سيقول البعض بأن "الموضوعية" وهم لا وجود له في الإعلام، وهي كلمة حق يراد بها باطل. صحيح أن الصحفي إنسان لديه ميول، ولكن هذا ليس بأي حال مبررًا لعدم اجتهاده وتحريه بأمانة للحقيقة ونشرها بإنصاف ودون تحيز.

وتطرق "كاتب" إلى التأطير في الإعلام، وهو أسلوب يتم من خلاله تقديم موضوع أو قضية بطريقة منحازة؛ بحيث يتم التركيز على جوانب محددة من القصة مع إهمال جوانب أخرى، بهدف تشكيل الطريقة التي ينظر بها الجمهور لتلك القضية، والتأثير في آرائهم وتصوراتهم حولها. ووسائل الإعلام التي تعتاد التأطير وتبالغ فيه، تغامر بسمعتها عاجلًا أو آجلًا.

ثم عرّج على التلاعب بكلام المصدر وهو أحد أسوأ الأمور؛ مثل قيام الوسيلة باجتزاء كلام المصدر وإخراجه من سياقه، أو إبراز جزء منه والتعتيم أو حذف جزء آخر. وهذا الأسلوب شائع للأسف، ويجعل الوسيلة تفقد مصداقيتها واحترامها لدى مصادرها، وربما رفضهم الظهور معها لاحقًا.

ولفت كاتب إلى أن العناوين الخادعة أسلوب مزعج منتشر على الإنترنت، ويتم فيه وضع عناوين جاذبة لا تمثل المحتوى، أو تُهَوله؛ بهدف زيادة المشاهدات والزيارات. والمحزن هو لجوء وسائل رزينة لهذا الأسلوب كنتيجة للمنافسة الشديدة من شبكات التواصل الاجتماعي. وتكرار ذلك يؤدي حتمًا إلى نفور المتلقي من الوسيلة وفقدان ثقته بها.

وقال إن الرزانة والمصداقية والموضوعية تظل دومًا جواهر تاج الإعلام الثمينة، وهي إكسير القوة والحياة الحقيقي له؛ وذلك بالرغم من محاولات التقليل من أهميتها ومن قدرتها على الصمود في وجه التحولات السلبية السائدة إعلاميًّا اليوم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org