قال رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة: إنه سجل في الأول من سبتمبر عام 1859 أعنف عاصفة شمسية في التاريخ المسجل تجتاح كوكبنا، سُميت "حادثة كارينغتون" نسبة إلى العالم البريطاني ريتشارد كارينغتون، الذي شاهد التوهج الذي بدأ ذلك الحدث، وكانت لحظة اكتشاف التوهجات الشمسية وبداية مجال دراسة جديد يسمى الطقس الفضائي.
وأضاف: هزت تلك العاصفة المجال المغناطيسي للأرض بمليار طن من مادة الانبعاث الشمسي، وشوهد الشفق القطبي فوق كوبنا وجزر الباهاما وهاواي مع تعرض الأرض لوابل من الجسيمات النشطة للغاية، ومع مرور الوقت ذلك اليوم ضربت العاصفة خطوط التلغراف الذي يمكن اعتباره "إنترنت العصر الفيكتوري" وشحنتها بالكهرباء، وأصبحت خارج الخدمة، وأضرمت النيران في ورق التلغراف، وسجلت مقاييس المغناطيسية في جميع أنحاء العالم اضطرابات قوية في المجال المغناطيسي لكوكبنا لأكثر من أسبوع، ووثقت نفسها في كتب التاريخ على أنها العاصفة الشمسية الأكبر على الإطلاق.
وتابع: لقد سجل توهج شمسي مماثل في 23 يوليو 2012؛ حيث اندفع انبعاث كتلي إكليلي نادر من الشمس، وكانت العاصفة من عدة جوانب قوية مثل حدث كارينغتون عام 1859؛ ولكن لحسن الحظ لم تكن في اتجاه الأرض؛ ولكنها بمثابة تذكير بأن طقس الفضاء العنيف ليس شيئًا من الماضي.
وأردف: كشفت دراسة يابانية حديثة نُشرت عام 2017 عن أحداث أخرى ذات قوة مماثلة؛ مما يعني أن حادثة كارينغتون لم تكن استثنائية على الرغم من اعتبارها لفترة طويلة بأنها كارثة تحدث مرة واحدة في القرن؛ إلا أن الرصد التاريخي يقول بأن مثل تلك الحوادث قد تكون شيئًا يحدث بشكل متكرر.
وقال: إن خير مثال على ذلك هو العاصفة الشمسية التي حدثت في منتصف سبتمبر 1770؛ حيث غطى شفق قطبي أحمر شديد السطوع اليابان وأجزاء من الصين وبالقرب من جزيرة تيمور، جنوب إندونيسيا.. وتُظهر السجلات المكتشفة -خاصة من الصين- بعض الشفق القطبي في أدنى خط عرض على الإطلاق، موزعة على فترة 9 أيام، وتم استنتاج أن العاصفة المغناطيسية عام 1770 كانت مماثلة لحادثة كارينغتون، على الأقل من حيث مدى رؤية الشفق القطبي، علاوة على ذلك، كانت مدة نشاط العاصفة أطول بكثير من المعتاد.
لقد اكتشف أيضًا حدوث عواصف شمسية الضخمة في فبراير 1872 ومايو 1921، وكانت مماثلة أيضًا لحادثة كارينغتون، مع سعات مغناطيسية مماثلة وشفق قطبي واسع الانتشار، وهناك عاصفتان أخريان بعد حادثة كارينغتون في 13 مارس 1989، وعاصفة في 25 سبتمبر 1909، أقل شدة.
إن هذه الحوادث مقلقة، فالتكنولوجيا الحديثة أكثر عُرضة للعواصف الشمسية من تلغراف القرن التاسع عشر؛ فاليوم حياتنا قائمة على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والإنترنت، وشبكات الطاقة العابرة للقارات التي يمكنها نقل العواصف المغناطيسية الأرضية من الساحل إلى الساحل في غضون دقائق.
قد يتسبب حدث كارينغتون جديد في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع إلى جانب اضطرابات في الملاحة والسفر الجوي والخدمات المصرفية وجميع أشكال الاتصالات الرقمية، وقد تتسبب في خسائر بقيمة قد تصل مليار دولار للبنية التحتية العالية التقنية وتتطلب سنوات للتعافي الكامل.
فهل تم الاستعداد لذلك؟!