من المسائل الخلافية بين المختصين: تحديد متى يتم تكييف الفعل أو القول أو الإشارة الصادرة من الأشخاص على أنها جريمة تحرش؟ وهل التصرفات المعروفة بين الناس على أنها من قبيل التحرش، مثل الإشارة بالإصبع الأوسط أو بعض الألفاظ، تظلّ دائمًا كذلك في جميع الوقائع؟
من جانبه أوضح المحامي والموثق علي فارس الزهراني لـ"سبق"، أنه "يجب فهم التأصيل الجنائي للجرائم، فالجريمة تتألف من ثلاثة أركان: الركن الشرعي الذي يتمثل في النصوص النظامية والشرعية التي تجرم الأفعال، والركن المادي الذي يتكون من الفعل، والنتيجة الجرمية، والرابطة السببية، وأخيرًا الركن المعنوي وهو القصد الجنائي أو النية التي يقترن بها الفعل".
وأضاف: فيما يتعلّق بجريمة التحرش نصّت المادة الأولى من نظام مكافحة جريمة التحرش على أن التحرش يشمل كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه آخر، تمسُّ جسده أو عرضه أو تخدش حياءه بأي وسيلة، كما وردت العقوبات الخاصة بهذه الجرائم في المواد القانونية ذات الصلة. الركن المادي لجريمة التحرش قد يكون في شكل: فعل، قول، أو إشارة، كما في لمس مناطق حساسة من جسد المجني عليه، أو طلب غير لائق شفهيًّا أو كتابيًّا، أو إشارة ذات مدلول جنسي".
وتابع: "أما الركن المعنوي فقد اشترط النظام لثبوت جريمة التحرش أن يكون القصد من الفعل ذا مدلول جنسي؛ مما يعني أنه لا يمكن اعتبار أي فعل أو قول أو إشارة على أنها تحرش إلا إذا ثبت أن الجاني قصد هذا المدلول. يمكن إثبات هذا القصد بطرق نظامية مختلفة، وغالبًا ما يتّضح من الظروف المحيطة بالفعل. على سبيل المثال إذا قام شخص بالإشارة بالإصبع الأوسط لفتاة في موقف غير مبرّر، قد يتمّ تكييف هذا الفعل كتحرش، بينما إذا كانت الإشارة نفسها صدرت في حالة غضب بعد حادث مروري قد يتم تكييفها كاعتداء بالسب والشتم وليس تحرشًا".
وأردف باختصار: "لا يمكن تكييف أي تصرفات على أنها جريمة تحرش، إلا إذا ثبت القصد الجنائي بأن الجاني قصد من فعله إيصال مدلول جنسي يمسّ عرض أو جسد أو حياء المجني عليه. يسري على جريمة التحرش ما يسري على باقي الجرائم من ضرورة توافر كافة أركان الجريمة لتحقيق العدالة".