يرى الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد أن صدمة إيران باغتيال الجنرال قاسم سليماني، ومسرحية صواريخها التي لا تصيب بشراً؛ خوفاً من الردّ الأمريكي، تؤكد في النهاية أنها أصيبت بجروح بليغة لهيبتها وقيادتها؛ بسبب خطأ الاستهانة بالقوة الأمريكية، واحتقار الرؤساء الأمريكيين، حتى جاء رئيس جريء قادر على اتخاذ قرارات تؤلم إيران، والآن يعلمون أن 40 عاماً من قوتهم العسكرية والصناعية قد يدمّرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيام، مطالباً بتغليب العقل والعمل الدبلوماسي.
أحداث غير متوقعة
وفي مقاله "مَن المتغطرس الأقوى؟" بصحيفة "الشرق الأوسط"، يقول "الراشد": "كل شيء متوقَّع في المنطقة، لكن هذه الأحداث الجديدة غير اعتيادية، وستكون لها تبعات لاحقة. هي المواجهة الأولى أمريكياً مع إيران، وصدمتها مفاجئة باغتيال الجنرال قاسم سليماني، جنرال الحروب في المنطقة.
ما أصاب طهران من جروح بليغة، لهيبتها وقيادتها، نتيجة القراءات الخاطئة من جانبها. فقد اعتادت الأنظمة الشريرة في المنطقة، ومنها إيران، على الاستهانة بالقوة الأمريكية واحتقار الرؤساء الأمريكيين، وهو ما أدى إلى القضاء على صدام وابن لادن والبغدادي. معظم أنظمة المنطقة لا تحترم إلا القوة، تخاف روسيا وتتحاشى التعرض لها أو مصالحها. إيران اتهمت صحافية روسية بالتجسس واعتقلتها، وبعد تهديد موسكو سارعت لإطلاق سراحها في أيام، في حين يقبع المعتقلون الأمريكيون والأوروبيون في سجون إيران لسنين، ويستخدمهم النظام للضغط والمساومات.
الاحترام والأخلاق ربما ليسا من أولويات مبادئ العلاقات الدولية، لكنّ هيبة الدول تتقدم على غيرها".
إيران تدفع الثمن
ويؤكد "الراشد" أن إيران تدفع ثمن أخطائها، ويقول: "لقد تمادت طهران في تعاملها مع دول العالم بما فيها واشنطن، وهددت مصالحها لعقود، وقد تحاشى الرؤساء الأمريكيون استخدام قدراتهم، واكتفوا بملاحقة عملائها من تنظيمات تابعة لها؛ لأن إيران عاملت الرئيس الحالي دونالد ترامب مثل سابقيه، أصبحت في شقاء بتطبيقه العقوبات الاقتصادية الأقسى في تاريخ المنطقة، وعندما تجرأت على قتل أمريكي في كردستان العراق، ودبّرت محاصرة السفارة في بغداد دفعت أغلى ثمن؛ قتل ترامب أهم عسكري إيراني، كان يظن أنه محصّن، ولا يتجرأ أحد على أن يمس شعرة من رأسه".
مسرحية الصواريخ
ويرى "الراشد" أن صواريخ إيران مسرحية، لا يُقتل فيها بشر؛ خوفاً من الرد الأمريكي، ويقول: "لهذا كانت مسرحية الصواريخ الإيرانية التي استهدفت القاعدة الأمريكية من دون إصابات، خوفاً من الرد الأمريكي. القيادات الإيرانية تعلم الآن جيداً أن "ترامب" رئيس مختلف، يملك العزيمة والجرأة ولن يتردد في إنهاء القوة العسكرية الإيرانية لو تجرأت على الهجوم بعنف. أربعون سنة من القوة العسكرية والصناعية يمكن أن يدمّرها ترامب في ظرف أيام، وتصبح إيران بعدها مجرد دولة لا تستطيع لا حماية أراضيها ولا نظامها".
جاءكم رئيس قوي
ويضيف "الراشد": "كلنا ندري أن إيران لا تحترم إلا لغة القوة، وهذا ما يجعل اللجوء الأمريكي إلى القوة بلا حدود ولا خطوط حمر ضدها عملاً سياسياً بامتياز، قادراً على تغيير الأوضاع في المنطقة إلى الأفضل. الجنرال "سليماني" صار يدير منطقة واسعة من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن وغزة ويهدد الحكومات الأخرى. والذين يتهمون "ترامب" بالبلطجة والغطرسة ينسون أن نظام إيران هو من يمارس البلطجة والغطرسة منذ أربعين عاماً، حتى جاء من يستطيع أن يكون أكثر غطرسة وبلطجة منه. منذ توليه الرئاسة وهو يمد يده لحكومة إيران يدعوها للتفاوض، إلا أن من في طهران كانوا يظنون أنها يد الضعف، وقرروا أن يلووا ذراعه بقتل بضعة أمريكيين أو حرق سفارته. جربوها وكانت النتيجة دموعاً في طهران. ويهددهم صراحةً بأنه مستعدّ للرد وتدمير قدرات إيران، والآن فقط كلنا ندرك أنه سيفعل دون أن يرفّ له جفن وسيعلن عن تدميرها في واحدة من تغريداته.. طهران لم تتعظ مما حولها، فدولة كبرى كالصين قبلت بالعودة للتفاوض ومن منطلق التنازل، وكذلك تفعل المكسيك وكندا، وحتى دول "الناتو". ورئيس تركيا تجرّع الإهانة، وسافر إلى واشنطن ساعياً لحل مشكلاته".
بعد الضربات الموجعة
وينهي "الراشد" مطالباً إيران بالتعقل والعمل الدبلوماسي، ويقول: "الخاتمة ستكون إيجابية. بعد هذه الضربات الموجعة لنظام المرشد الأعلى يصبح العمل الدبلوماسي متاحاً في إطار معقول من سقف التوقعات لصالح المنطقة بما فيها إيران نفسها".