
قال خبير انظمه الحيوية العميد المتقاعد الدكتور عادل عبدالرحمن العيد؛ في كل عام يتجدد في نفوسنا شعور الفخر والاعتزاز بالانتماء إلى هذا الوطن العظيم، ويترسخ اليقين بأن أعظم منجز تحقق على أرضه هو نعمة الأمن والاستقرار. أذكر أنني كنت في حديث عابر مع والدي – رحمه الله – عن الأوضاع الأمنية وما يعيشه العالم من فوضى في بعض الأوطان، فقال جملة بقيت راسخة في ذهني: "الأمن ملح الاوطان". وحين سألته عن معناها، أجاب: كما يحفظ الملح الطعام من التعفن، فإن الأمن يحفظ الأوطان من الفوضى والفساد والانهيار.
واضاف : يظل الأمن الأساس الذي تُبنى عليه حياة الشعوب ونهضتها، فهو صمام الأمان الذي يحفظ كيان الوطن من التصدع والانهيار. وبدونه لا يمكن قيام تعليم أو اقتصاد أو استثمار أو سياحة. وما نشهده في بعض الدول التي فقدت أمنها وتحولت إلى ساحات صراع خير شاهد على ذلك.
وقد أدرك الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – هذه الحقيقة منذ اللحظة الأولى لاسترداد الرياض عام 1902م، فكان تثبيت الأمن الداخلي أولوية قصوى في بناء الدولة السعودية الثالثة. عمل على توحيد أقاليم الجزيرة العربية تحت راية واحدة، منهياً الحروب القبلية، وحامياً الطرق التجارية والحجاج، ومؤسسًا لمحاكم شرعية تحقق العدالة. كما وضع اللبنات الأولى لتأسيس قوات أمنية تطورت لاحقًا إلى أجهزة نظامية حديثة. ومع إعلان توحيد المملكة عام 1932م، استتب الأمن في ربوعها، ليكون من أعظم منجزات الملك المؤسس، ويفتح الباب أمام التنمية والرخاء.
وارف : اليوم، ومع رؤية المملكة 2030، بات مفهوم الأمن أكثر شمولية واتساعًا؛ فلم يعد يقتصر على مكافحة الجريمة والإرهاب، بل يشمل الأمن الفكري، والاجتماعي، والاقتصادي، والسيبراني. وقد حققت المملكة إنجازات عالمية رائدة في هذا المجال؛ من أبرزها تفكيك الخلايا الإرهابية، حماية المنشآت الحيوية كـ"أرامكو"، التصدي للهجمات السيبرانية، وإدارة مواسم الحج والعمرة بكفاءة عالية تضمن سلامة ملايين الحجاج والمعتمرين.
وقال كما عززت الدولة شراكة المواطن والمقيم في حفظ الأمن عبر مبادرات نوعية مثل تطبيق "كلنا أمن"، لترسخ بذلك ثقافة المشاركة المجتمعية في حماية مكتسبات الوطن.
وتؤكد المؤشرات العالمية مكانة المملكة في هذا المجال؛ إذ أظهرت الدراسات أن 92.6% من المواطنين والمقيمين يشعرون بالأمان في حياتهم اليومية. كما تصدرت المملكة دول مجموعة العشرين في مؤشرات الأمن، واحتلت المرتبة الأولى عالميًا في تطبيقات الأمن السيبراني، والمرتبة 11 عالميًا والأولى عربيًا في أمان الذكاء الاصطناعي.
واختتم قائلاً إن الأمن في المملكة لم يعد مجرد شعور بالطمأنينة، بل أصبح ثقافة وطنية راسخة ومنجزًا حضاريًا يلمسه الجميع، وهو الملح الذي يحفظ الوطن ويمنحه القدرة على مواصلة مسيرة النهضة بثقة نحو مستقبل مشرق.
وفي هذا اليوم المجيد، نجدد العهد والولاء لقيادتنا الحكيمة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – سائلين الله أن يديم على وطننا أمنه واستقراره، وأن يحفظه من كل سوء، وأن يبارك في أبنائه وبناته ليظل نموذجًا مشرفًا في الأمن والتنمية والعطاء.
فالوطن باقٍ ما دام أمنه باقياً، والأمن باقٍ ما دمنا جميعًا نحمله في قلوبنا ونسعى لحمايته بإخلاص ووفاء.