عاش 550 متطوعًا ومتطوعة، تجربة ثرية مع البرنامج التطوعي الصحي بالحج في نسخته الخامسة عشرة، والذي نظّمته الجمعية الخيرية للرعاية الصحية الأولية "درهم وقاية"، بإشراف التجمع الصحي بمكة المكرمة ووزارتي الصحة والحج والعمرة.
وقدّم المتطوعون الذين قدِموا من جميع مناطق المملكة ومثّلوا قرابة 36 جامعة وكلية حكومية وأهلية في مختلف التخصصات الطبية، الخدمات الإسعافية لـ15700 حاج وحاجة؛ من خلال 130 فرقة ميدانية انتشرت في خمسة مواقع بالمشاعر المقدسة، أمضوا فيها 25850 ساعة تطوعية.
ويسهم المتطوعون والمتطوعات -عبر البرنامج- في تحقيق أسمى المفاهيم الإسلامية القويمة، وينالون من خلاله شرف خدمة ضيوف الرحمن، وتحقيق غايات المسؤولية الاجتماعية، ومستهدفات رؤية المملكة 2030 المتعلقة بالتطوع.
بالإضافة للدور المساند الذي تقدمه من خلال الرعاية والتوعية الصحية خلال موسم الحج، ومساندة الجهاز الصحي في تقديم خدمات الرعاية الصحية.
واختار الشاب عمر الغامدي، أن ترافقه شريكة حياته (زوجته) في مداواة جراح الحجاج في المشاعر المقدسة في حج هذا العام، مع برنامج التطوع الصحي في الحج الـ15 الذي تنفذه "درهم وقاية".
ودأب "الغامدي"، المختص في الصيدلة، على التطوع في الحج، منذ ما يزيد على عقد من الزمان؛ حيث عَمِلَ مع الهلال الأحمر لستة أعوام، وأربع سنوات مع البرنامج الصحي التطوعي في الحج.
يصف "الغامدي" البالغ من العمر 31 عامًا، التطوع بـ"الإدمان الصحي"، قائلًا: "يعتبر التطوع في موسم الحج إدمانًا صحيًّا لكل الشباب والشابات الذين يسعون إلى معالجة جراح الحجاج ومساعدتهم في إكمال المناسك".
وأضاف: في هذا العام حرصتُ على اصطحاب زوجتي المتخصصة في اللغة الإنجليزية؛ لمساعدتهم في الجوانب اللوجستية من خلال تخصصها في الترجمة والتعرف على مشاكل الحجاج الصحية.
وتابع "الغامدي": "هناك الكثير من الأجر الذي يجده المتطوع من خلال مساعدة الحجيج؛ حيث تجد نفسك أمام سيل من الدعوات بعد تقديم الخدمة الطبية".
ويتذكر "الغامدي" موقفًا له مع أحد الحجيج، حينما كاد قلبه يتوقف؛ إذ تَمَكّن من مساعدته على العودة للحياة بعد عمليات الإسعافات الأولية التي قُدمت له.
وعبّر "الغامدي" عن اعتزازه وفخره بالتواجد ضمن كادر التطوع الصحي؛ مؤكدًا أن البيئة ساعدته على الاستمرار مع البرنامج الصحي التطوعي في الحج، لما يزيد على أربعة أعوام، وقائلًا: "يلبون كل ما يريده المتطوع من خلال الأدوات والتأهيل ومساعدته على التركيز في خدمة ضيوف بيت الله الحرام".
وتحت زخات المطر رفعت حاجّة عراقية يدها إلى السماء تدعو لذلك الشاب المكاوي الذي أخذ بيدها باحثًا عن مخيمها في رحلة بحث طويلة تجاوزت الثلاث ساعات ونصف.
لم يكن يتوقع عبدالعزيز أنديجاني، أن هذه الدعوات التي رفعتها الحاجة السبعينية من بلاد الرافدين، تكون فاتحة رزق وخير مديد عليه وعلى أسرته.
وما زال "أنديجاني" المتخصص في الخدمات الطبية، يتذكر هذه الحادثة التي وقعت في حج 2019، قائلًا: "جعلتني هذه الحادثة شديد الحرص على التواجد في كل مواسم الحج؛ لخدمة ضيوف الرحمن، سواءً من خلال تخصصي في الخدمات الطبية كمُسعف أو في أي عمل يمكن أن يوكل لي".
وأضاف الشاب البالغ من العمر 25 عامًا: "بدأت في العمل كمتطوع صحي منذ 2017، مع فريق برنامج الصحي التطوعي في الحج؛ حيث حرصت على أن أكون من مقدمة الصفوف لخدمة ضيوف بيت الله الحرام، ويزيدني ذلك فخرًا وسعادة واعتزاز".
ويتولى "أنديجاني" مع زملائه مهام تقديم الإسعافات الأولية للحجاج لمصابي الإعياء وضربات الشمس ومعالجة القدم السكرية حتى إعانتهم على إكمال مناسكهم.
ويتذكر دائمًا الدعوات التي تأتيه من الحجاج مع استقبال كل حالة طبية بعد تقديم العناية الطبية لهم، قائلًا: إنها أثمن ما يخرج به في كل موسم.
من جانبه بعد تخرجه بأسبوعين، قرّر الشاب العشريني عبدالعزيز رمضاني، ترك عمله السنوي بالأجر في حج هذا العام؛ ليكون متطوعًا ضمن قافلة المتطوعين في البرنامج الخامس عشر الصحي التطوعي في الحج.
وسعى "رمضاني"، الذي تخرج بتخصص "طب وجراحة" إلى أن يصقل تجربته النظرية العلمية التي تلقاها في دراسته الجامعية، من خلال اكتساب الخبرة في التعامل مع حالات الحجاج.
ويشير "رمضاني" ابن مكة، إلى أنه اتجه للتطوع الصحي طلبًا للأجر والمثوبة واكتساب الخبرة؛ حيث إن هذه التجارب العملية تفيده فيما درسه نظريًّا، مع حداثة تخرجه.
وأوضح أن هذه البرامج تساعد في تمكين حديثي التخرج من تعزيز مهارات التواصل والصبر والتحمل والثقة بالنفس ومساعدة الآخرين.
كما نصح "رمضاني" كل زملائه بالتطوع في البرنامج التطوعي الصحي في الحج؛ لما لها من أثر بالغ في مساعدة المتخصصين في مِهَنهم.