عائشة الغزواني.. أربعون عاماً من العزلة.. حكاية قديمة تنتهي بتفاعل مسؤول

قصة عجوز تعيش حياتها الخاصة متصالحة مع ما حولها من كائنات وسباع
عائشة الغزواني.. أربعون عاماً من العزلة.. حكاية قديمة تنتهي بتفاعل مسؤول

"عائشة غزواني" ثمانينية اختارت أن تعيش عزلتها بمفردها في جبل صماد بجازان، ليس معها زوج ولا يوجد لديها ولد، تاركة ألم السنين يحكي تفاصيل حياتها اليومية.

ولأكثر من أربعين عاماً ظلت "الغزواني" تعيش عزلتها الموحشة في غرفة حجرية متهالكة، وشجرة تظل موقد نارها، وبعض أغنام ترعاها، وبندقية تلوذ بها حين الخوف من سباع الجبل، تعيش هذه العجوز حياتها الخاصة متصالحة مع ما حولها من كائنات وسباع، وعلى مقربة منها يجتمع الليل والخوف والظلام والسكون في أشكال لا تختلف عن بعضها إلا ببزوغ الفجر.

حياة الأولين

تبدو قصة عائشة الغزواني وكأنها رواية خيالية لخيال خصب، لكنها في الحقيقة حالة واقعية، لسيدة تمرّدت على حياة العصر، بعد أن قررت التشبث بحياة الأولين، تاركةً الضوء والضجيج وأدوات الحياة الجديدة، لتتمسك بماضيها وأرضها وأغنامها، متخذة مسكنها في "تلة جبل" وعر، لا تصل إليه السيارات ولا يشاهده المارة.

تفاصيل موحشة

رحل زوج "الغزواني" منذ أربعة عقود، ومات اثنان من أولادها، وما زالت رغم بلوغها من العمر ثمانين عاماً تركض في التفاصيل الموحشة، وعشقها لتلك الوحدة المرعبة لكل من عرف المكان ووعورته، وبعده عن الناس وصخب الحياة. لتظل حياتها وعزلتها حكاية تثير فضول كل من سمع بها، وتستثير عطف من يعرف ظروفها الصحية، ورعب المكان الذي تعيشه!

بلا طريق وبلا جار

وعلى الرغم من محاولة أقاربها إقناعها بترك مكانها والعيش معهم، لكنها رفضت مرة بعد الأخرى، وأصرت على العيش وحيدة في رؤوس الجبال بين السباع والأشجار والأحجار، بلا طريق وبلا جار وبلا بشر، تخدم ذاتها وتربي أغنامها وتقاوم المرض والتعب.

لم يتمكن أقارب "عائشة" من توفير مسكّن لها في موقعها الحالي؛ لصعوبة التضاريس، ولأن الطريق إلى بيتها تستغرق ساعتين مشياً على الأقدام، ففي نهاية الشهر يقوم أحد أقربائها بشراء متطلباتها من المواد الغدائية وأعلاف المواشي ويدفع عليها أجرة لمن يوصلها إلى مسكنها.

راحتي في مكاني

يقول جابر الغزواني وكيل "عائشة" الشرعي وابن أخيها: "حاولنا مراراً إقناعها بترك مسكنها الحالي واصطحابها معنا في بيوتنا؛ لأن لها فضلاً علينا أيام شبابها، لكنها رفضت وقالت: "راحتي في مكاني"، وأوصتنا في حالة عجزها وعدم قدرتها على المشي، بحملها على الأكتاف.

وما زالت حكاية "عائشة" إلى اليوم مجهولة وممزوجة بالدهشة والغرابة، وهي بحاجة إلى من ينهي فصولها بشكل يحفظ سلامة وطمأنينة بطلتها، إلى من ينهي عزلة الأربعين عاماً بسلام.

تفاعل مسؤول

وبعد أن انتشرت صور لها في وسائل التواصل تفاعل مدير عام فرع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بمنطقة جازان المهندس أحمد القنفذي مع قصة "عائشة"، وأكد أنه سيتم اليوم مباشرة الحالة من قبل فريق من الرعاية والضمان بفرع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمنطقة للدراسة واقتراح كل المساعدات التي تضمن حياة كريمة للمسنة.

وأضاف المهندس "القنفذي": "واجبنا وعملنا ونتفاعل مع أي معلومة تصل إلينا حتى لو برسالة نصية، ونشرع على الفور بمباشرتها ومساعدتها في أي مكان وزمان، ونحن خدام للمنطقة وأهلها، وسخّرنا أنفسنا لمساعدة جميع الأسر المحتاجة والفقيرة في كل محافظات وقرى وهجر المنطقة".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org