في خضم الآراء المتبادلة بين مؤيد لانتقال التعليم إلى نظام الثلاثة فصول ومطالبين بالعودة إلى نظام الفصلين، يرى الكاتب عبدالحميد بن جابر الحمادي أن بقاء الدراسة كما كانت سابقًا في فصلين دراسيين يحقق مجموعة من المزايا والإيجابيات، كمنح وقتٍ للراحة واستعادة الاتصال الإيجابي مع الذات وهو ما يعزز جودة الحياة، ويتيح الفرص أمام الطلاب الذين ظروفهم المادية صعبة للعمل والحصول على موارد مالية لهم وأسرهم خلال فترة الصيف.
كما يفسح المجال أمام المعلمين لتطوير مهاراتهم ومواهبهم خلال الإجازات الصيفية، فيما يعطي للمعلمين والمعلمات المغتربين الفرصة أن يقضوا وقتًا أطول مع والديهم وأهاليهم ويشعرون بحدوث التغيير النفسي العميق، بالإضافة إلى تعارض الدراسة في فصل الصيف مع البيئة المحفزة للتعلم، بحكم تأثر الطالب والمعلم نفسيًا من طبيعة الأجواء والمناخ، وما قد يتضرر به من لديه مراجعات طبية يستغلها في فترة إجازة الصيف.
وأشار الكاتب إلى أن بعض - الدراسات التربوية - تحدثت بأن فترة استيعاب الطالب لا تزيد على ١٥ دقيقة وبعدها يبدأ يفقد حضوره الذهني وتنخفض لديه الدافعية للتعلم، فكيف لزيادة حجم الفيديو صغير فصل دراسي كامل؟
وواصل الكاتب حديثه قائلاً إن معظم الجدل والاختلاف يأتي من الطريقة التي ينظر إليها لمهنة التعليم، فبعض أفراد المجتمع عندما يتحدث المعلم أو المثقف عن وجهة نظره في بعض قضاياه، حينها نسمع ردودًا وتعليقات تقول "أنت موظف ووظيفة التعليم كبقية الوظائف الأخرى" وفي المقابل عندما يقف المعلم في الصف وبين طلابه نسمع من يقول:" المعلمون ورثة الأنبياء وأنتم أصحاب رسالة ولا يمكن مقارنتكم بأي وظيفة أخرى". ومثل هذا يطلق عليه ازدواجية في النظر لمهنة التعليم، ولا تخدم نجاح المعلم في القيام بوظيفته ورسالته.
وطرح الكاتب مجموعة تساؤلات: هل من المعقول أن تبقى معلمة طول العام الدراسي مغتربة عن أسرتها؟ أليس زيادة طول العام الدراسي من شأنه أن يضع الأسر وأولياء الأمور تحت طائلة الضغوط المالية.
وتابع: كيف سيكون تأثير هذه الضغوط العملية على الأمهات المعلمات وهن يؤدين دورًا في البيت تربيةً وتعليمًا ومتابعةً، وفي المدرسة تربية وتعليمًا ومتابعة؟ كيف سيكون حالهم الصحي والنفسي بعد فترة من هذا الروتين؟ ما طبيعة الأجواء المناخية في بعض مناطق المملكة وهل تساعد الطالب على التركيز والتفاعل؟
ويستمر بطرح تساؤلاته قائلاً: أليس التعليم عبارة عن خدمة توجه لشريحة كبيرة وهم الطلاب واستفتاء هذه الشريحة مهم لتحقيق كفاءة الخدمة، فلماذا لا تقوم الوزارة بذلك؟ كثيرًا ما تدعو الوزارة المدارس بتفعيل مجالس الشورى الطلابية للأخذ بآرائهم والآن فرصة لتفعيل تلك المجالس عن طريق وزارة التعليم.
واختتم الكاتب حديثه لافتًا إلى أن أهم الأسباب التي تدعو إلى مراجعة هذا القرار هو حالة الملل والتشبع اللذان يسودان الميدان التعليمي خلال الفصل الدراسي الثالث، وكثرة وتزايد المشاكل السلوكية بين الطلبة، وكونه يشكل عبئًا ماديًا على وزارة التعليم، وأولياء الأمور والمعلمين والإداريين، وأصبح الغياب الجماعي نهاية كل أسبوع أسلوبًا معتادًا عليه، حيث بدأت مظاهر انخفاض الدافعية وفقدان الرغبة في التفاعل مع التعلم والأنشطة والفعاليّات تتضح للجميع، وقد تعرض البعض إلى الاحتراق الوظيفي، فيما لا توجد نتائج محفزة تدعو إلى استمرار العمل بالنظام، فضلاً عن ضغوط وظيفية بلا مبرر أو مسوغ لأن المستهدف فقد التفاعل والرغبة، كما بدأت تتلاشى القيمة التربوية للمدرسة فينظر الطلاب، فيما يؤكد كثير من المعلمين عدم تواؤم المناهج كمًا وكيفًا مع زمن الفصول الدراسية.