الناظر إلى مناخ وطبيعة شبه الجزيرة العربية لا يراها اليوم إلا صحراء واسعة قاحلة وجافة ترتفع فيها درجات الحرارة لمستوياتٍ قياسية، يصعب على كثيرٍ من الكائنات الحية التأقلم والعيش معها، لكن المُدهش على الجانب الآخر أن ذات الصحراء كانت في يومٍ من الأيام أدغالاً من الغابات الخضراء تشقها الأنهار وتملؤها البُحيرات! ما يعني أن مُناخها كان مُختلفاً تماماً عن مناخها الحالي.
وما أثبت ذلك وأثار كثيراً من الدهشة والاستغراب عثور فريق من الباحثين من جامعة أكسفورد على نابٍ لفيل عملاق من فصيلة (الماموث) المنقرضة في صحراء النفود بالسعودية! يعود تاريخه إلى أكثر من 300 ألف عام، ويصل طول الناب إلى 2.2 متر، يعتقد الباحثون أن الفيل كان يزن ما بين 6 -7 أطنان وارتفاعه 3.6 متر عند الكتفين "المصدر".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد تم العثور على أحافير مُتعددة لأنواعٍ مختلفة من النمور وحيوان وحيد القرن والسلاحف وغيرها من الكائنات الحية والحيوانات التي لا تعيش إلا في الغابات والأدغال، ولعل أغرب ما عُثر عليه هو عظام حيوان فرس النهر الذي لا يعيش إلا قرب البحيرات والأنهار! فهل كانت جزيرة العرب تشقها الأنهار وتنتشر فيها البُحيرات والغابات والأدغال؟
الإجابة هي نعم، فتلك الأحافير تؤكّد أن مناخ شبه الجزيرة العربية كان مُختلفاً تماماً عن مناخها الحالي، كان مناخاً مطيراً ومُلائماً لنمو الغابات والأدغال وجعل البيئة المحيطة مُناسبة للحياة لكثيرٍ من الكائنات.
وتؤكّد المسوحات الجيولوجية وجود نهر بطول 1200 كم كان يشق شبه الجزيرة العربية إلى نصفين، ينبع من سلسلة جبال الحجاز نواحي الأجزاء الجنوبية من المدينة المنوّرة ويمتد إلى وادي الرمة ثم حفر الباطن وصولاً حتى الكويت، ويؤكّد الدكتور فاروق الباز؛ مدير مركز الاستشعار عن بُعد في جامعة بوسطن أن هذا النهر قد جفَّ قبل 7-5 آلاف عام فقط.
وأشار الدكتور فاروق؛ إلى وجود نهرٍ آخر كان يشق صحراء الربع الخالي، وهذا النهر كان موجوداً قبل 9000 عام، يبلغ عرضه 8 كم، وطوله 800 كم، وكان يعبر قلب الجزيرة العربية. هذا النهر كان منبعه جبال الحجاز.